اندلعت تظاهرات أمس في أنحاء متفرقة من السودان احتجاجاً على قرار الحكومة فرض زيادات كبيرة على أسعار المحروقات لسد العجز في موازنة الدولة، لكن الخرطوم قللت منها مؤكدة أنها لن تتحول إلى «ربيع عربي». وشهدت أحياء في ولاية الخرطوم تظاهرات محدودة فرقتها الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع كما اعتقلت ناشطين من القوى المعارضة، لكن وسط الخرطوم ظل ساكناً، ولوحظ تراجع عدد المواطنين في الطرقات العامة. وتتحسب الشرطة لتظاهرات ليلاً في العاصمة. وفي مدينة ود مدني، ثاني أكبر مدن السودان في وسط البلاد والمجاورة لولاية الخرطوم، تحولت التظاهرات إلى أعمال عنف وشغب وعمد المتظاهرون إلى احراق ممتلكات عامة وسيارات حكومية بجانب سيارات للشرطة. وأشعل المتظاهرون النيران في بعض المحال التجارية ومبنى محافظة ود مدني بجانب بعض سيارات المسؤولين وأغلقت المدارس أبوابها وانضم الطلاب إلى المتظاهرين، كما أغلقت المحال التجارية بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية وتوقفت وسائل النقل عن العمل. وطالب المحتجون أصحاب المركبات العامة بالإضراب عن العمل وإعلان حال العصيان المدني. كما شهدت مدن بورتسودان في شرق البلاد والمناقل ورفاعة في ولاية الجزيرة تظاهرات محدودة. وواصلت السلطات الأمنية في الخرطوم حملة اعتقالات، وأوقفت أمس مسؤول التعبئة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي المعارض محمد أحمد صديق، ومسؤول الإعلام في حزب المؤتمر السوداني بكري يوسف. وقال تحالف المعارضة في بيان إن اعتقال منسوبيه لن يثنيه عن مناهضة قرار زيادة الأسعار. وأوضح البيان أن الأجهزة الأمنية نفذت حملة اعتقالات واسعة عشية الأحد وأمس الاثنين طاولت عدداً كبيراً من الناشطين. كما تم دهم منزل المعارض محمد ضياء الدين، ووقفت سيارات ودراجات بخارية أمام منزل رئيس هيئة التحالف المعارض فاروق ابوعيسى في مشهد سبب كثيراً من الضيق والذعر لسكان الحي، طبقاً للبيان. وجددت المعارضة موقفها الرافض لزيادة الأسعار وأكدت عزمها على مقاومة القرار بكل الطرق. وكان مجلس الوزراء صادق في جلسته امس برئاسة الرئيس عمر البشير على رفع الدعم عن المحروقات وأقر البرنامج الإصلاحي الاقتصادي الذي تم بموجبه تعديل سعر صرف الجنيه في مقابل العملات الأجنبية وزيادة سعر غالون البنزين إلى 21 جنيهاً بدلاً من 12,5 جنيه وغالون الغازولين إلى 14 جنيهاً بدل 8 جنيهات وغاز الطبخ إلى 25 جنيهاً. واستثنى مجلس الوزراء سلع القمح والسكر من رفع الدعم. وقال وزير المال علي محمود للصحافيين إن رفع الدعم عن المحروقات ليس كلياً حيث لا تزال الحكومة تدعم غالون البنزين ب 10 جنيهات والغازولين ب 13 جنيهاً بالإضافة إلى دعم غاز الطبخ. وقلل الرئيس البشير من أي تحرك مناهض لقرار حكومته وقال خلال مؤتمر صحافي إنه يمكن أن تُحرق إطارات في الطرقات وتظاهرات محدودة يوماً أو يومين ولكن لن تتحول إلى «ربيع عربي» كما يحلم البعض. وأكد البشير عزمه السفر إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، على رغم محاولة واشنطن ثنيه عن ذلك، علماً أنها دعته إلى تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية عوضاً عن الذهاب إلى نيويورك. وقال إن «حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة حقنا. سأذهب إلى أميركا، ولن يسألني أحد فليس هناك قانون في الولاياتالمتحدة الأميركية يعطيها الحق في اتخاذ إجراءات ضدي، فأميركا ليست عضواً في نظام روما»، في إشارة إلى معاهدة روما التي نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية. وكشف عن اكتمال الترتيبات الخاصة بسفره وقال انه سيتوجه إلى نيويورك عبر المغرب، وتم حجز فندق له وللوفد المرافق. غير انه لم يوضح ما إذا كانت واشنطن منحته تأشيرة الدخول التي طلبها أم لا. وتابع أنه ما من أحد في الولاياتالمتحدة يستطيع استجوابه او احتجازه، وتعهَّد البشير عدم التطبيع مع إسرائيل مهما كان الثمن.