ابتدأت قصته في عام 1399ه، عندما وضعت جهة إدارية يدها على أرضه، ووعدته بالتعويض عنها تعويضاً عادلاً. من هنا بدأت المأساة، ليفنيَ المواطنُ المسكين 25 عاماً من عمره في المطالبة بحقه، تعاقب المسؤولون على الإدارة، والثابت فيها من دون تغيير هو انعدام المسؤولية، وبعد ربع قرن من المعاناة حمل المواطن همه إلى منصة القضاء، لينصفه بعد مماطلة جهة الإدارة بالتعويض عن إيجار أرضه طوال هذه المدة إضافة إلى قيمتها المقدرة وقت الحكم. هذه العينة من القضايا تتكرر على وجه لافت، وعلى نحو غير مبرر، فأيّ عذر للجهة الإدارية في الامتناع عن تكوين لجنة لتعويض من وضعت يدها على أرضه، أو عاملته بموجب نظام نزع الملكيات القديم بعد نفاذ الجديد، أو اقتطعت أكثر من النسبة التخطيطية المجانية ورفضت التعويض عن الزيادة، أو شكّلت لجنة تقدير التعويضات من غير الأعضاء المنصوص عليهم في النظام؟ هذه الأمثلة من التجاوزات النظامية حفظتها لنا أحكام ديوان المظالم المنشورة على موقعه في الإنترنت، ولولا ضيق المساحة المتاحة للمقالة لأوردت المزيد منها، وبأرقام أحكامها وتفصيل حيثياتها، وفي الإحالة إلى البوابة الإلكترونية لديوان المظالم غُنية عن الإطالة. إن ما يجري من تعويق لمعاملات حقوق المواطنين هو عكس ما أوجبته الأنظمة من تسهيل سيرها من دون مماطلة، ومن ذلك ما نصت عليه لائحة الواجبات الوظيفية على الموظف الحكومي من «استعمال الرفق مع أصحاب المصالح المتصلة بعمله، وإجراء التسهيلات والمعاملات المطلوبة لهم في دائرة اختصاصه وفي حدود النظام». وخلاف ما جاء في الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد الصادرة بقرار مجلس الوزراء وفيها: «التأكيد على مديري الإدارات بإنهاء إجراءات معاملات المواطنين ومراقبة الموظفين حتى لا يضعوا العقبات أمام تلك المعاملات». يصدرُ النظام كافلاً للحقوق، وتصدر أنظمةٌ لضمان تفعيل النظام، إلا أنه في بعض الأحيان أضحى فرح المواطن بصدور الأنظمة، بداية شقائه بعدم تنفيذها. *القاضي بديوان المظالم سابقاً. [email protected]