يجد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نفسه في وضع صعب في صفقة بيع موسكو سفن "ميسترال" الحساسة، فإما أن ينقلب عليه حلف شمال الأطلسي أو روسيا، والخيار الوحيد المتاح له لكسب الوقت هو تأخير قراره. وقبل أيام من الاستحقاق المقرر أصلاً في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) لتسليم السفينة الأولى من هذه السفن العملاقة المتطورة إلى البحرية الروسية، يبقى الغموض تاماً. ومنذ قرار الرئيس الفرنسي في الرابع من أيلول (سبتمبر) الربط بين تسليم أول سفينة وتسوية الأزمة الأوكرانية سياسياً، تحسّنت الأوضاع قبل أن تتوتّر مجدداً في شرق البلاد الانفصالي مع الانتخابات التي لم تعلن سوى روسيا أنها ستعترف بها في الثاني من الجاري. ونهاية تشرين الأول (أكتوبر) أثارت موسكو جدلاً بسبب إعلان استفزازي أكّدت فيه أنها تلقّت دعوة من الشركة الفرنسية لبناء السفن (دي سي إن إس) مفادها أن أول عملية تسليم ستتمّ في 14 تشرين الثاني. وقال وزير المال الفرنسي ميشال سابان لتهدئة الخواطر "الشروط اليوم غير مجتمعة للمضي في هذه الصفقة" التي تبلغ قيمتها 1.2 بليون يورو وأثارت احتجاجات. وإذا قرّرت فرنسا تسليم هذه القطع البحرية المتطوّرة والمتعدّدة الاستخدامات القادرة على نقل 16 مروحية وأربعة زوارق إنزال و13 دبابة ورئاسة أركان و450 عنصراً من المشاة ومستشفى، فإنها ستشيع حالة من الهلع في بولندا ودول البلطيق التي تعتبر بأنها في الخط الأول في مواجهة روسيا وتخشى أن تدفع ثمن قرارات تصدر عن موسكو تصفها بالمفاجئة والمتهوّرة. كما تعارض الولاياتالمتحدة بشدة هذه الصفقة في وقت تفرض على روسيا عقوبات من كل حدب وصوب لحملها على وقف دعمها الانفصاليين الأوكرانيين. وفي المقلب الآخر ستجد فرنسا نفسها في وضع صعب وتظهر كالشريك الذي لا يفي بالتزاماته إذا ألغيت الصفقة. وقال المحلّل العسكري المستقلّ في موسكو ألكسندر غولتز "بالطبع روسيا سترفع شكوى وستطالب بتعويضات وستكون فرصتها في كسبها كبيرة (...) كما ستبدو فرنسا كالبلد الذي رضخ للضغوط الأميركية". وقال مصدر فرنسي قريب من الملف: "في حال لم نسلّم السفن سنكسب ودّ بولندا ورضا واشنطن". ويبدو أن عواقب إلغاء الصفقة مهما كانت مدوّية، لن تؤثر في مفاوضات أخرى جارية، خصوصاً لبيع 126 مقاتلة رافال للهند وفي صورة فرنسا في الخارج.