يشهد الأردن منذ فترة تراجعاً كبيراً في أعداد السوريين الهاربين من لهيب الحرب بعدما وصلت أرقامهم على اراضيه الى نحو نصف مليون شخص. وتؤكد مصادر حكومية أردنية اتخاذ قرار غير معلن، بإغلاق عشرات نقاط العبور غير الشرعية بين البلدين و «تقنين» حركة الدخول عبر نقاط أخرى، بسبب «نقص المساعدات الدولية» المقدمة للاجئين. وقال موظفو إغاثة وقيادات عسكرية سورية معارضة ل «الحياة» أمس، إن بعض نقاط العبور يغص بآلاف اللاجئين «بعدما رفضت السلطات الأردنية إدخالهم من دون أن تبدي أسباباً واضحة». وأضافوا أن القرار الأردني «تسبب بكارثة إنسانية على الحدود»، وإن من بين أفواج العالقين «جرحى مدنيين ونساء وأطفالاً، إلى جانب طاعنين في السن، يعانون من نقص الغذاء والدواء». وقال أحد مسؤولي المعابر في «الجيش الحر» علي الرفاعي ل «الحياة» ان اكثر من 10 آلاف سوري عالقون في هذه الأثناء قرب الحدود السورية-الأردنية، وإن السلطات على الجانب الآخر ترفض إدخالهم من طريق المعابر غير الشرعية «باستثناء بعض المعابر النظامية، التي لا تستطيع الغالبية الوصول إليها»، مضيفاً: «في بلدة تل شهاب التي يسيطر عليها الثوار والمجاورة لقرية الطرة الأردنية، قرابة 5 آلاف سوري ينتظرون منذ أسابيع العبور إلى الأردن، إضافة إلى 10 آلاف نازح قدموا من المناطق غير المحررة». وبدأ سكان هذه المناطق بالتوجه إلى القرى المحررة التي يسودها هدوء نسبي، بدلاً من عبور الحدود. وقال الرفاعي إن الآلاف «يعيشون ظروفاً صعبة داخل المدارس والمساجد والكهوف وبعض المؤسسات الرسمية التي تمت السيطرة عليها». وزاد: «في بلدة نصيب الحدودية، تجاوز عدد العالقين 3 آلاف، وفي قرية حيط زاد العدد عن الألفين». وأشار الرفاعي إلى ان التواصل مع السلطات الأردنية شبه مقطوع، وأنه في آخر اتصال جرى بين الطرفين، تم تأكيد أن المعابر غير الشرعية «مغلقة حتى إشعار آخر»، مضيفاً: «لا يوجد طعام ولا دواء، مادة الطحين نفدت منذ ثلاثة شهور، والأدوية داخل المستشفيات الميدانية المقامة على القرى الحدودية استنفدت بالكامل». وقال قائد المنطقة الحدودية في «الجيش الحر» بشار الزعبي ل «الحياة» إن عبور اللاجئين إلى الأردن «بات محدوداً جداً»، وإن عدد العالقين زاد عن عشرة آلاف، موضحاً: «أجرينا اتصالات مباشرة بسلطات الحدود الأردنية، إلا أن المسؤولين هناك لم يقدموا تفسيراً واضحاً للإغلاق، وأبلغونا أن عمليات الإدخال تتم بقدر المستطاع». وأشار الى ان «الائتلاف الوطني السوري» المعارض لم يقم بما يكفي لمساعدة الناس. وأظهرت مقاطع فيديو بثت على الإنترنت، مشاهد صادمة لأمهات وأطفال يفترشون أرضاً قاحلة قرب الحدود السورية مع الأردن، بعدما منعوا من دخول مخيمات اللاجئين المشيدة داخل قرى المملكة الشمالية. وأغلق الأردن قبل 3 أشهر قرابة 45 نقطة حدودية تربطه بجارته الشمالية. وتنفي الحكومة الأردنية صراحة وجود قرار بإغلاق بعض نقاط الحدود، إذ إن الإقرار بإغلاقها يمثل انتهاكاً للالتزامات الدولية بفتح الحدود أمام اللاجئين، لكن مسؤولين يقولون إن هذه الخطوة تشير إلى عدم قدرة المملكة على استيعاب المزيد من السوريين.