قال ناشطون وعاملو إغاثة ل «الحياة» إن آلاف اللاجئين السوريين الذين تقطعت بهم السبل قرب الحدود الأردنية، وبينهم مسنون وأمهات وأطفال رضع، يعانون نفاد الأغذية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى انتشار الأمراض. ومنح الأردن خلال العامين الماضيين اللجوء الى مئات آلاف السوريين، واستقبل منذ بداية العام نحو ألف لاجئ يوميا في المتوسط، لكن هذا العدد انخفض إلى حد كبير، بعد أن قررت الحكومة في عمان غلق عشرات نقاط العبور غير الشرعية، في محاولة لتقنين أعداد الفارين من سورية جراء احتدام الصراع هناك. وتنفي الحكومة الأردنية صراحة غلق الحدود، إذ أن الإقرار بهذه الخطوة، يمثل انتهاكا للالتزامات الدولية بفتح الأبواب أمام اللاجئين. وقال منسق هيئة إغاثة اللاجئين السوريين في جنوب سورية محمد الدرعاوي ل «الحياة» عبر الهاتف إن هناك 10 آلاف لاجئ «تقطعت بهم السبل قرب الحدود الأردنية منذ أيام، يعانون أوضاعا إنسانية سيئة». وأضاف أن غلق الأردن منافذ غير شرعية «سبب تكدسا كبيرا في صفوف اللاجئين قرب منطقة تل شهاب، المجاورة لقرى وأقاليم أردنية، وبلغ العدد هناك قرابة 7 آلاف، فيما وصل عدد العالقين عند منطقة نصيب المجاورة لبلدات أردنية أيضا قرابة 3 آلاف». وتابع «أجرينا اتصالات عديدة مع ضباط الحدود الأردنيين لمعرفة أسباب منع اجتياز السواتر الترابية، لكنهم لم يقدموا أي إجابة وافية». ولا تزال جموع اللاجئين تتدفق من منطقتي حمص ودمشق اللتين تشهدان معارك محتدمة في شكل يومي على المناطق الجنوبية المجاورة للأردن، على ما ذكر ناشطون وسكان تحدثوا الى «الحياة» عبر الهاتف. وقال هؤلاء إن الذين وصلوا القرى الحدودية «استنفدوا الإمدادات الغذائية والطبية المحدودة بالفعل، وبدأوا يعيشون أزمة إنسانية متصاعدة، وسط تفشى الأمراض». وقال الناشط السوري في بلدة تل شهاب علي أبو صالح إن قوات الحدود الأردنية «تمنع حتى المدنيين الذين ينشدون العلاج الطبي من الدخول، وللأسف لم يدخل إلى هناك طيلة الايام العشرة الماضية سوى بعض المصابين بجروح خطرة». وأوضح أن إطلاق النار المتواصل من مواقع المدفعية السورية قرب المعابر الحدودية الرسمية «يحول دون وصول أعداد كبيرة إليها». وأظهرت لقطات مصورة بثتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضين، أفواجا من اللاجئين يمضون ساعات طويلة عند الحدود وسط حر قائظ، بعد أن منعهم ضباط الجيش الأردني من دخول المملكة. وكان حوالى 500 ألف لاجئ من إجمالي 1.5 مليون سوري دخلوا أراضي الأردن الذي يشكو من نقص المساعدات اللازمة لتأمين حاجاتهم. ونفى الناطق باسم شؤون اللاجئين السوريين في الأردن غازي السرحان وجود قرار رسمي بإغلاق الحدود مع سورية، وأكد أن هناك 45 نقطة حدود غير شرعية يعبر منها اللاجئون. لكنه أقر بانخفاض أعداد السوريين الداخلين عبر الأراضي الأردنية، لافتا إلى أن المملكة كانت تستقبل قرابة ألف لاجئ يوميا، لكنها لم تستقبل منذ بداية شهر رمضان سوى العشرات فقط. وتؤكد الحكومة الأردنية أنها باتت تتحمل عبئا كبيرا مع تزايد تدفق العائلات السورية، ما يصعب مهمة تأمين الغذاء والعلاج، والتعليم أيضا. وبحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، فإن معاناة السوريين المتزايدة «تظهر ضرورة تكثيف الدعم داخل سورية، وقد يكون ذلك عبر إنشاء ممرات إنسانية، لتخفيف الضغط عن عمان». وقال آندرو هاربر ممثل المفوضية إن ثمة حاجة إنسانية في جنوب سورية، وإنه «يتوجب الحصول على الدعم الكافي بطريقة أو بأخرى».