اقترب مؤتمر الحوار الوطني في اليمن أمس من الاتفاق على قضية الجنوب الشائكة، في إطار دستور اتحادي، على ما قالت مصادر مقربة من الوفود المشاركة، فيما مدد المؤتمرون الوقت المحدد لإنهاء أعمالهم. وأوضحت أن اللجنة الخاصة المكونة من 16 شخصاً مناصفة بين الجنوبيين والشماليين اقتربت من توقيع اتفاق يتضمن «حلاً عادلاً يحفظ أمن واستقرار اليمن الموحد على أساس اتحادي وديموقراطي». لكن الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي يتهمه معارضوه بأنه يسعى الى تخريب الحوار، قرر سحب ممثليه الاثنين من اللجنة، ما أدى الى عرقلة توقيع الاتفاق. وقال الناطق باسم اللجنة محمد قحطان: «كان يفترض ان نوقع الاتفاق اليوم لكن تم تأجيل ذلك». وجاء في بيان نشر على موقعه الالكتروني، أن حزب الرئيس السابق مؤتمر الشعب العام ندد ب «محاولات التعرض لوحدة اليمن»، معلناً رفضه تحول المؤتمر من «حوار بين المكونات الوطنية الى حوار» بين الشمال والجنوب. ويطالب انصار الحكم الذاتي في الجنوب بدولة فيديرالية من كيانين شمالي وجنوبي في حين يقترح شماليون مشاركون في الحوار والرئيس اليمني اقاليم عدة. وتنص الوثيقة على منح المناطق صلاحيات واسعة ادارية وتنفيذية وتشريعية واقتصادية. وتلحظ كذلك ان «استكشاف وادارة الموارد الطبيعية، بما فيها العقود والعقود الفرعية المرتبطة بالاستكشاف، يكون من مسؤولية السلطات في الولاية المنتجة بالتعاون مع السلطات في الاقليم والسلطة الاتحادية، وفق ما ينص عليه قانون اتحادي». وتؤكد الوثيقة انه «خلال المرحلة التأسيسية التي تسبق الانتقال الكامل إلى الدولة الاتحادية الجديدة، يتمتع الشعب في الجنوب بتمثيل نسبته خمسون في المئة في كافة الهياكل القيادية في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية (...) وكذلك خمسون في المئة من مجلس النواب». والجنوب الذي كان دولة مستقلة قبل عام 1990، يشكل القضية الأكثر صعوبة خلال مؤتمر الحوار الذي بدأ اعماله في آذار (مارس) الماضي. ومنذ سحق الشماليون محاولة الانفصال عام 1994، اعتبر الجنوبيون انفسهم مهمشين ومواطنين من الدرجة الثانية. ويشارك في الحوار الاتجاه المعتدل من الحراك الجنوبي بينما يقاطعه الأكثر تشدداً الذين يطالبون بالإنفصال. وقد انسحب اعضاء الوفد الجنوبي من المؤتمر منتصف آب (أغسطس) الماضي لكنهم عادوا بعد ثلاثة اسابيع اثر تقديم السلطات اعتذاراً رسمياً عن حرب 1994 التي اوقعت حوالى اربعة آلاف قتيل. واليمن هو البلد الوحيد بين دول الربيع العربي الذي انتهت انتفاضته الى حل تفاوضي انتخب بموجبه عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية لفترة انتقالية مدتها عامان. إلى ذلك، أعلنت لجنة توفيق الآراء في مؤتمر الحوار الاحد انه تم تمديد عمل المؤتمر لانهاء صوغ دستور جديد. وإثر اجتماع في صنعاء، دعت اللجنة التي يرأسها هادي مجموعات العمل التسع المنبثقة من المؤتمر الى تسليم توصياتها في موعد اقصاه الخميس، اي بعد يوم واحد من الموعد المقرر اصلاً لاختتام المؤتمر. وبعد تسليم توصياتهم، سيعقد المشاركون جلسة عامة تستمر مبدئياً شهراً وفق النظام الداخلي للمؤتمر. ويمكن اختصار هذه المهلة الى اسبوعين في حال تم انجاز الوثيقة النهائية. وتوقع احد المشاركين ان تنتهي اعمال المؤتمر في 6 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل. وكان مؤتمر الحوار الذي بدأ في 18 آذار (مارس) أمهل نفسه ستة اشهر لصوغ دستور جديد والتحضير لانتخابات في شباط (فبراير) 2014، في ختام مرحلة انتقالية لعامين قادها هادي. لكن المندوبين ال565 المشاركين في هذا الحوار برعاية الاممالمتحدة ومجلس التعاون الخليجي يواجهون صعوبة كبرى في انهاء مناقشاتهم في قضايا شائكة أبرزها مسألة الجنوب والشكل العتيد للدولة.