كشفت قطر تفاصيل جديدة في شأن دورها في إطلاق الليبي عبدالباسط المقرحي، المدان في قضية لوكربي، من سجنه في اسكتلندا الشهر الماضي. ونفت أن تكون اسكتلندا اشترطت عليها المساهمة في صناديق الاستثمار الاستكلندية في مقابل قبول الوساطة في قضية اطلاق المقرحي.وفي أول تأكيد من نوعه، أفاد وزير الدولة للتعاون الدولي في قطر خالد بن محمد العطية «قناة الجزيرة» أن تحرك قطر على صعيد قضية المقرحي انطلق من اعتبارين رئيسين أولهما أن الليبي نفسه قدّم التماساً إلى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني يطلب فيه تدخله نظراً إلى الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر فيها، أما الاعتبار الثاني فهو نتاج توصية من القمة العربية الأخيرة. ولفت خالد العطية، في هذا الإطار، إلى توصية أصدرتها القمة العربية الأخيرة في قطر تمثّلت في الطلب إلى قطر أن تتحرك في اتجاه القضية، مشيراً إلى توجيهات أصدرها أمير قطر إلى وزارة الدولة للتعاون الدولي للتحرك في هذا الشأن، كما صدر توجيه آخر من رئيس مجلس الوزارء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في هذا الشأن. وأكد وزير الدولة القطري للتعاون الدولي أنه «بمجرد تلقي تلك التوجيهات تحرّكت وقابلت الوزير الأول في اسكتلندا (اليكس سالموند)». وسُئل عما تردد في شأن مطالب قدمها المسؤول الاسكتلندي، فأجاب أن الأمور القانونية تحكم المسائل المتعلقة بهذه المشكلة. وقال: «نحن نعلم أن الصلاحية في هذه الأمور تعود إلى وزير العدل (كيني ماكاسكيل) وليس للوزير الأول (سالموند) ولكن زيارتنا لاسكتلندا كان الهدف الأساسي منها تعجيل الاجراءات» المتعلقة بحل قضية المقرحي في ضوء تردي وضعه الصحي نتيجة تفشي مرض السرطان في جسمه. وسُئل عما إذا كان الاسكتلنديون اشترطوا على المسؤولين القطريين المساهمة في صناديق الاستثمار الاستكلندية في مقابل قبول الوساطة في قضية اطلاق المقرحي، نفى العطية ذلك قائلاً: «أبداً، هذا الأمر لم يتم اطلاقاً». وأكد أن قطر لديها علاقات ومصالح مع دول كثيرة سواء مع الولاياتالمتحدة أو المملكة المتحدة أو اسكتلندا و «لكن أبداً لم يُقرن موضوع المقرحي لا من قريب أو من بعيد في مسائل التعاون التجاري أو التعاون على المستوى الدولي». وحول موضوع إثارة ملف التعاون التجاري بين الجانبين القطري والاسكتلندي بالتزامن مع ملف عبدالباسط المقرحي، شدد وزير الدولة للتعاون الدولي على أن «قضية المقرحي لم تُقرن أبداً بأي مجال تجاري». وأضاف: «درسنا الملف من الناحية القانونية ومن الناحية الإنسانية وتحركنا فيه على هذا الأساس، وكنّا أول من أبدى رأياً مفاده أن قاعدة التحرّك أساسها إنساني، وهو أمر أقرب من اتفاقية تبادل السجناء» . وذكرت وكالة «فرانس برس» من طرابلس أن المقرحي ظهر الأربعاء للمرة الأولى علناً في مستشفى في العاصمة الليبية حيث عاده نواب أفارقة. وظهر المقرحي (57 عاماً) الذي أفرجت عنه اسكتلندا لأسباب صحية بعدما كان يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة لإدانته في اعتداء لوكربي، لمدة 15 دقيقة أمام حوالى 150 عضواً في البرلمان الافريقي عادوه في المستشفى حيث يعالج من سرطان البروستاتا في مرحلته النهائية. وقال مصدر إن المقرحي كان جالساً على كرسي نقال وبدا مريضاً جداً وكانت تعتريه نوبات من السعال. وبعدما أفرجت عنه اسكتلندا في 20 آب (أغسطس)، نُقل المقرحي مطلع أيلول (سبتمبر) إلى قسم الأمراض السرطانية في المركز الطبي في طرابلس. وقال رئيس برلمان الاتحاد الأفريقي ادريس نديلي موسى «جئنا نعبّر عن تضامننا» مع المقرحي، مضيفاً أن الليبي «كان ضحية اجحاف دولي وسياسة الكيل بمكيالين». واعتبر النائب الافريقي محمد جبريل (الليبي الجنسية) انه بهذه الزيارة فإن «المقرحي لقي استقبالاً من البرلمان الافريقي على غرار استقبال البرلمان الاوروبي للممرضات البلغاريات». وكانت ليبيا افرجت في تموز (يوليو) 2007 عن فريق طبي بلغاري مؤلف من خمس ممرضات وطبيب بعدما قضوا ثماني سنوات في السجن بتهمة حقن أكثر من اربعمئة طفل عمداً بفيروس الأيدز وقد توفي منهم 56 طفلاً. وحُكم على المقرحي عام 2001 بالسجن مدى الحياة لضلوعه في تفجير طائرة تابعة لشركة «بان أميركان» فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988. وأثار الافراج عنه لدواع صحية جدلاً كبيراً وخصوصاً في الولاياتالمتحدة التي ينتمي اليها غالبية ضحايا الحادث ال270. واقيم له استقبال حافل لدى عودته الى طربلس. وأقرت ليبيا رسمياً عام 2003 بمسؤوليتها في الاعتداء ودفعت تعويضات بقيمة 2.7 بليون دولار الى عائلات الضحايا.