يُعد تخفيف المعاناة الإنسانية صميم العمل الإنساني. ففيما تندلع الكوارث والنزاعات، وحين يواجه الأشخاص آلام فقدان أحبائهم وهجر منازلهم، تعمل المنظمات الإنسانية جاهدة لتخفيف معاناتهم، إضافة إلى تقديم المساعدة والدعم اللازمين. وقد شهدنا مثل تلك الاعمال المهمة على مدار عقود لتشمل كل أرجاء منطقة الشرق الأوسط. فقد خاطر المتطوعون وغيرهم من العاملين في المجال الإنساني بحياتهم في سورية والعراق وفلسطين واليمن والسودان وليبيا من أجل الإنسانية ولإنقاذ حياة الآخرين. وإنه لينبغي علينا أن نقدر وأن نحتفي بهذه المجهودات. ورغم كل هذه البطولات فإنها لا تعد كافية. فهناك حاجة إلى مزيد من العمل وهناك مزيد مما يمكن القيام به. فها هي الفرصة سانحة أمامنا لتغيير العمل الإنساني في العالم بأسره، من خلال القمة الإنسانية العالمية. ففي أيلول (سبتمبر) 2013 دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالدعوة إلى قمة عالمية في مدينة إسطنبول لتعقد عام 2016، وتجتمع فيها الحكومات والمنظمات الإنسانية والفئات المتضررة وغيرهم من الشركاء لصوغ رؤية إنسانية موحدة، يتم العمل بها في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضاً. ونحن الآن فى خضم الإعداد لهذه القمة، وستعقد المشاورات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عمان في آذار (مارس) 2015. ليست هناك منطقة فى العالم أكثر حاجة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لرؤية إنسانية مشتركة. فتلك هي الطريقة الوحيدة التي نستطيع بها أن نتناول المناشدات الخاصة بمعاناة أهل تلك المنطقة، بينما فشل ذوو السلطة في إيجاد حلول سياسية للأزمات المتكررة في المنطقة. وأنا أؤمن بأن المجتمع المدني ينبغي أن يكون في طليعة صوغ تلك الرؤية وتطويرها. و من ثم فقد عملت مع الشركاء الأساسيين في المنطقة لحشد المجتمع المدني، وضمان سماع صوته وإيصال رسالته. لذا تم البدء بورش العمل التشاورية في تسع دول بدءاً بتونس وإمتداداً إلى البحرين. ونوقش عدد من القضايا بشكل واضحٍ وصريح، ومنها أهمية أن تركز المنظمات الإنسانية الدولية على بناء القدرات على الصعيدين المحلي والوطني، مع عدم الإعتماد على المساعدات الخارجية. فنحن في حاجة إلى أن نكون قادرين على مساعدة أنفسنا. ربما نحن في حاجة إلى الطعام والمأوى والدواء والمياه، ولكن علينا ألا نغفل كرامتنا وأمننا وأملنا في تحقيق حياة أفضل، وهو ما يتساوى في الأهمية مع توفير حاجاتنا الأساسية. فلحظات اليأس والخسارة هي تحديداً ما يجب أن يدفعنا لنظل قادرين على أن نحلم وأن نعمل على تحقيق مستقبلٍ أفضل. تدعو الكتب المقدسة والقوانين والمعاهدات إلى حماية المدنيين من الأذى ولكننا نشهد بشكل يومي انتهاكات لحياتهم وكرامتهم من الدول والمجموعات المسلحة، بل ومن مواطنين. من هم المجرمون المسؤولون عن ذلك؟ لا يكفي الشجب والبكاء على معاناة الأبرياء. نحن نطالب بالعدالة. عندما نرى بوضوح أن أزمة ما على وشك الحدوث لماذا نظل صامتين ونفشل في التحرك؟ يجب أن يكون منع الكوارث من الحدوث غايةً نسعى إليها. علينا أن نُبقي العمل الإنساني بمعزلٍ عن السياسة. ينبغي عدم زجنا في تشريعات مكافحة الإرهاب وحربكم المفتوحة على الإرهاب. نحن نهدف إلى خدمة الإنسانية ولا شيء غير ذلك ولنا الحق في ذلك. هذه هي الرؤية التي بدأت أصوات المجتمع المدني تزييفها. اليوم دور أخواتنا وإخواننا في لبنان حيث يجتمعون بدعم من «مؤسسة عامل» لتسجيل وجهات نظرهم في القمة. إنهم سيسعون بلا شك لتطوير مستقبل يقدرون من خلاله على الاستمرار في إظهار كرمهم تجاه الشعب السوري وفي الوقت نفسه ضمان سلامة لبنان وتنميته. إنّ كل شيء ممكن ودعونا نغتنم الفرصة لتحديد شكل العمل الإنساني ومستقبله في المنطقة. * رئيس «المنتدى الإنساني» لمزيد من المعلومات عن القمة الإنسانية العالمية بما في ذلك الفرصة لعرض الآراء، الرجاء زيارة الموقع : http://www.worldhumanitariansummit.org/whs_MENA