بين ميزات كثيرة، يمكن القول إن الدراما السورية كانت ولا تزال دراما المخرجين. الأمر يتعلق هنا بفضاءات جمالية مختلفة حققتها هذه الدراما بتفوق واضح، بل كانت خلالها رائدة ثم ما لبثت درامات عربية أخرى أن لحقت بها، ما ساهم في تطورها أيضاً. نتحدث هنا عن ريادة الخروج من سجن الاستوديوات الى التصوير في الأماكن الطبيعية، كما أيضاً عن حلول إخراجية غير تقليدية تقوم أساساً على الخروج من ذهنية أن التلفزيون سينما من الدرجة الثانية بما يعنيه ذلك من حالة إخراجية يبدو خلالها المخرج أقرب الى «المخرج المنفذ»، أكثر منه مبدعاً. في هذا السياق كانت الأعمال الدرامية السورية خلال العقدين الماضيين مختلفة، خصوصاً لجهة جماليات الصورة التي أعادت الى الدراما جاذبيتها وأعادتها الى حقيقة بديهية هي أنها وقبل أي شيء آخر فن بصري بامتياز. لا نتحدث عن لون واحد من الدراما، فالأمر يشمل الأعمال التاريخية والمعاصرة كما دراما البيئة وموجة الفانتازيا التاريخية. فالبحث عن جماليات الصورة كان سبيلاً أيضاً إلى اهتمام أكبر بالموضوعات والمضامين التي جاءت – غالباً – متطورة وذات علاقات وشيجة بالواقع الاجتماعي للناس. وربما يمكننا الإشارة أكثر الى الدراما التاريخية باعتبارها لوناً يستدعي «الإنتاج الضخم» بالمفهوم النسبي بالطبع، وهي دراما رأينا منها أعمالاً بالغة الجمالية والأهمية للمخرج حاتم علي ومنها «صلاح الدين الأيوبي»، «ملوك الطوائف»، «صقر قريش»، ولكن بصورة أكثر جمالاً وأهمية في مسلسل «عمر» الذي شكّل علامة فارقة في الدراما التلفزيونية العربية عموماً. هنا كانت الجرأة كما الحلول الإخراجية الفاتنة من دون أن ننسى ما قدمه حاتم علي من «تحديث» لأدوات ووسائل وأساليب التصوير الدرامي بكل مفرداته بلا استثناء، وهي ميزة جعلت هذا العمل الكبير قادراً على أن يشكّل «سقفاً» للأعمال التاريخية السورية والعربية في المستقبل إذ ستجرى مقارنتها به. هل تحدّثنا عن اللغة البصرية الدرامية؟ نعم، فالدراما العربية عاشت طويلاً بلا لغة بصرية واضحة كما حال السينما مثلاً، لكنّ الدراما السورية قطعت شوطاً كبيراً على طريق وصولها الى هذه اللغة. فهل ستقف عند حدّ؟