الحلقات الأولى من مسلسل المخرج المثنى صبح «جلسات نسائية»، تذهب في الاتجاه الفكري والجمالي ذاته الذي قدّم صبح نفسه من خلاله للمشاهدين مخرجاً خلال الأعوام القليلة الماضية. هو اشتباك مع موضوعات إنسانية – اجتماعية، ولكن من خلال التركيز على صلتها المباشرة بمشاعر أبطاله الدراميين. ما يلفت في «جلسات نسائية» هو الروح المدينية التي تلف الدراما كحكاية ومعالجة فكرية، لا نغامر إذ نقول إنها «دراما علمانية» بذلك المعنى الذي يؤكد ديموقراطية العيش والمفاهيم، ويساهم في بلورة القيم الحداثية والحريات الفردية والخصوصيات بالتأكيد. ذلك كله جميل ومفرح، لكن ما يجعله كذلك هو الحلول الإخراجية التي يحقق بها المثنى عمله، خصوصاً جماليات الصورة، و «ترشيدها»، أي توظيف الجماليات الفنية في خدمة المقولات الفكرية للعمل، على نقيض ما شاهدناه ونشاهده من بعض من عملوا خلال العقد الماضي بروح «تقديس» الصورة الجميلة في ذاتها، وفي معزل عن وظيفتها الدرامية الحقيقية، أي التي تمكنها فعلاً من أن تكون حاملاً للمقولات الفكرية في صورة وأساليب تقنع المشاهد وتدفعه للتفاعل مع الدراما والجدل حول مقولاتها. نقول هذا وقد تجاوزنا نصف حلقات هذه الدراما الجميلة التي تحتاج بالتأكيد إلى عودة أوسع وأشمل، خصوصا أننا نؤمن بأهمية المزج بين الأفكار الجادة وبين «ذرائعها» الجمالية، في فن درامي بصري نعتقد أن للصورة فيه المكانة البارزة، التي لا يجوز أن تهتز أو يُضَحى بها تحت حجج نبل الموضوع، كما أن العكس صحيح أيضاً إذ لا منطق يبرر تقديم زخرف شكلي فائض الألوان ليستر دراما هزيلة أو مرتبكة. عمل آخر يضيفه المثنى صبح لرصيده الجميل من المسلسلات الناجحة التي حققت مشاهدات جماهيرية كثيفة في مواسم رمضان الماضية، دفعت هذا المخرج الشاب إلى مكانة مرموقة بين صانعي الدراما من المخرجين السوريين الذين ننتظر منهم المزيد، ليرتفعوا بفن الدراما التلفزيونية جمالياً، وليحسنوا اختيار النصوص التي تشتبك مع موضوعات اجتماعية وإنسانية على علاقة وشيجة بحياة الناس وتفاصيل عيشهم.