«ابني الذي لا يتجاوز عمره 22 سنة، معوق جسدياً منذ ولادته، وقدرته على التحرك محدودة ولا يمكنه إطعام نفسه. عندما هربنا من الحسكة (سورية) العام الماضي إلى لبنان، لم نكن قادرين على أخذ كرسيه المتحرك معنا في الباص. حملته بين ذراعي حتى وصلنا»، يقول أدهم الذي ينتظر في مطار رفيق الحريري الدولي (بيروت) مغادراً إلى ألمانيا للجوء موقت. أدهم الجالس في قاعة المطار وإلى جانبه زوجته، يتمنى عندما يصل إلى ألمانيا أن يستطيع الحصول على عمل، «لأؤمن لابني كرسياً جديداً لكي يكون قادراً على التحرك باستقلالية كما يريد، وبحسب قدرته». وأدهم واحد من 107 نازحين سوريين إلى لبنان، ضحك لهم القدر أخيراً، إذ اختارتهم السفارة الألمانية كدفعة أولى من بين 5 آلاف نازح تقرر استقبالهم في ألمانيا. بدا النازحون فرحين وهم يحملون تأشيرات الدخول إلى البلد الأوروبي المضيف. ويتهيأون لمرحلة أفضل وعدتهم بها المنظمة الدولية للهجرة بالتعاون مع المنظمة العليا لشؤون اللاجئين والحكومة اللبنانية، كما يقولون. ومن لا يحمل جواز سفر سورياً، أمنّت له المنظمة العليا وثيقة قانونية بالتعاون مع السفارة الألمانية تسمح له بمغادرة لبنان. وكانت ألمانيا، وبعد جدال داخلي، قررت استقبال الخمسة آلاف نازح إلى لبنان وفق شروط وأسس محددة، في إطار اتفاق مع حكومة لبنان. ويجري نقل النازحين إلى ألمانيا على دفعات تنظمها المنظمة الدولية للهجرة خلال 12 شهراً المقبلة، وفق ما قاله ل«الحياة» السفير الألماني كريستيان غلاكس. ويستضيف لبنان أكثر من 600 ألف نازح سوري وفق أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومليوني نازح وفق تقديرات الأمن العام. ويعتبر غلاكس أن «ألمانيا تعد بهذا العدد المعلن عنه من بين الدول الرائدة في أوروبا في مجال استقبال اللاجئين السوريين كما تعد ثاني أكبر مانح للمساعدات المالية لحل مشاكل اللاجئين بعد الولاياتالمتحدة»، مناشداً الدول كافة «القيام بهذه الخطوة». ويوضح أن «الناحية الإنسانية تشكل الأساس لدى الحكومة الألمانية في هذا المجال»، مذكراً بأن بلاده استضافت نازحين من العراق وغيره. ويلفت غلاكس إلى «أننا اخترنا المواطنين بحسب حالاتهم المرضية والصحية؛ والمشروع مخصص بالدرجة الأولى للفئات الضعيفة والمعرّضة كالأطفال والنساء وللمعرضين لخطر الملاحقة»، مضيفاً أنه «يشمل الأفراد والعائلات التي لديها أقارب أو ارتباطات سابقة في ألمانيا». ويقول: «خصص جزء صغير من المشروع للمهنيين من ذوي الخبرات التي يمكن الإفادة منها في عملية إعادة إعمار سورية». ويضيف: «سيتلقون الدعم الشامل الذي يتضمن المساعدة في الإيجار والحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية. وبالنسبة لتأمين التعليم للأولاد فالأولوية هي للعدد الأكبر من اللاجئين الذين يحضرون الدورة الثقافية». وإذ يجزم غلاكس بأن «معيار اختيار ألمانيا للنازحين سيكون إنسانياً بامتياز، ويشكل المسيحيون بين 10 و15 في المئة من اللاجئين المختارين»، إلى أن الحكومة الألمانية تنوي استضافة اللاجئين على أراضيها لمدة سنتين كلجوء موقت «واستناداً إلى تطور الأوضاع في سورية ستناقش الحكومة الألمانية هذا الأمر». ولا تمنع فرحة النازحين بإيجاد أفق جديد ولو موقت، بعضهم من طرح أسئلة تحمل بعض القلق، بشأن الإقامة في بلد لم يزوروه سابقاً، فيما بعضهم الآخر يبدو غير مبال بسبل العيش هناك «طالما أننا سنكون في أمان». ويوضح مكتب المنظمة الدولية للهجرة في بيروت أنه «بعد الوصول إلى مدينة هانوفر سوف يسافر اللاجئون إلى مركز استقبال في فريدلند لمدة ستة أسابيع يشاركون خلالها في دورة ثقافية موسعة وشاملة قبل الاستقرار في مناطق متعددة من ألمانيا للانخراط في المجتمع الألماني». ويشير إلى أنه «سيتم إدخال اللاجئين تحت إدارة المكتب الفيديرالي الألماني للهجرة واللاجئين؛ والمرافقة الطبية من المنظمة تواكب اللاجئين خلال الرحلة لمساعدة اللاجئين ذوي الحاجات الخاصة». وتأتي الخطوة الألمانية استجابة لنداء وجهته منظمات إلى دول أوروبية وخليجية لاستضافة سوريين للتخفيف عن لبنان. ويؤكد غلاكس أن «250 نازحاً استطاعوا الوصول إلى ألمانيا على متن رحلات قاموا بتنظيمها بأنفسهم.