لا تكاد الفرحة تسع أنيسة محفوظ، فور سماعها قرار منح الإقامة الدائمة بلا كفيل لأم الأولاد السعوديين غير السعودية. وتزوجت أنيسة، التي تحمل الجنسية اليمنية منذ 8 أعوام، وتعيش في مدينة جدة. وهي أم لولد وبنت، وتمسح دموعها، لتحكي قصتها: «منذ 4 أعوام تركني زوجي في شقة مفروشة بلا أوراق أو ضمانات أو ثبوتيات. وأعيش في المملكة على كفالة أخي، وتوجهت في الفترة الأخيرة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وجمعية حقوق الإنسان، من أجل استخراج شهادات ميلاد لأبنائي، وواجهت صعوبات شتى، لها أول وليس لها آخر». وترى أنيسة، أن قرار منح الأجنبيات أم الأولاد السعوديين، الإقامة الدائمة وتكفل الدولة بدفع الرسوم، «يزيح عبئاً كبيراً عن كاهلنا، ويخفف العبء المادي علينا، نظراً لعدم وجود رب أسرة يعولنا». وقالت: «لدي معاملة في المحكمة، في انتظار الانتهاء منها، فأنا سيدة معلقة لم تطأ رجلي الأرض ولا السماء، وزوجي الذي يتعاطى مواد مخدرة فر هارباً، ما جعلني أرى المستقبل غامضاً، ولا أعرف كيف سيكون مستقبلي ومستقبل أولادي»، مضيفة إن «القرار سيحدث أثراً كبيراً في حياتي وحياة أبنائي، لأنني أود العيش في الأراضي السعودية، التي أعيش فيها منذ 30 عاماً. وليست لدي نية المغادرة وترك أبنائي هنا». بدورها، قالت فوزية الريمي، وهي سيدة يمنية، إن القرار «يمنحني حرية العيش في المملكة بلا كفيل، فأنا أعيش في الأراضي السعودية منذ 25 عاماً، ولا أستطيع فراق أبنائي، على رغم ضيق العيش هنا، لكن فسحة الأمل سلاحي للاستمرار». وأضافت: «تقدمت بطلب للحصول على الجنسية السعودية منذ 6 أعوام، لكن الأمر توقف إلى حين الحصول على الإقامة. وأعتقد أن القرار سيكون مجدياً، وسيحل الكثير من المشكلات، كوني أعيش بين أولادي وفي وطني الذي أحب، بلا معين أو معيل غير الله سبحانه وتعالى». بدوره، اعتبر المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة الدكتور حسين الشريف، قرار منح الإقامة الدائمة بلا كفيل لأم الأولاد السعوديين غير السعودية، «خطوة إيجابية نحو تعزيز حقوق المرأة في شكل عام». وأشار إلى «الآثار الإيجابية الكبيرة» للقرار، وبخاصة في «استقرار وحدة الأسرة، وهو ما أشار إليه النظام الأساسي للحكم، الذي حمل الدولة مسؤولية «رعاية وتعزيز الوحدة الأسرية». وقال الشريف، في تصريح إلى «الحياة»: «إن الأم الأجنبية تعيش معاناة متعددة الأوجه في حال الطلاق، أو الإشكالات الأسرية، أو المعوقات الإدارية، أو في حال فقدان الزوج، أبرز وجوهها عملية تجديد الإقامة، والعثور على كفيل، وكلفة الإقامة. بيد أن تكفل الدولة بدفع الرسوم، سيؤتي ثماره في استقرارها بجانب أولادها»، مؤكداً «حق المرأة الأجنبية المتزوجة من سعودي، ولها أبناء منه، في الحصول على الجنسية، طالما أن العلاقة الزوجية مستمرة. وأتى القرار الصادر مكملاً لاستقرارها (الأم) النفسي، ومراعياً لحياتها الأسرية ونفسية الأبناء». وطالب ب«النظر في حق المواطنة السعودية المتزوجة من أجنبي، ومنح أبنائها جنسيتها»، نافياً أن يكون القرار «محفزاً للزواج من الخارج». في إشارة منه إلى أن «الزواج عملية اختيارية، وحق من حقوق المواطن أو المواطنة، طالما سارت الإجراءات في شكل نظامي». وأضاف: «لم تصلنا حتى الآن التفاصيل الإجرائية لهذا القرار، بما يتضمنه من تساؤلات ننتظر الإجابة عنها بشفافية ووضوح ومنها: هل سيلغي القرار حق المرأة الأجنبية في الحصول على الجنسية، وهل ستمنح الإقامة لكل امرأة أجنبية لديها أولاد من سعوديين، بغض النظر عن طريقة دخولها، أكانت نظامية أم لا؟»، مضيفاً: «ننتظر صدور الخطوات الإجرائية والتنفيذية للقرار، لنعرف أهدافه، ومن يشمله».