تعتبر البقالات الصغيرة في وسط الأحياء الشعبية في محافظة الأحساء متنفساً مادياً لبعض الأسر الفقيرة، تستطيع تأمين مستلزماتها الحياتية من مواد غذائية وغيرها من السلع الاستهلاكية عبر تسجيل قيمة مشترياتهم كديون يتم دفعها لاحقاً، وتكون المفاجأة الحسنة أن يقوم «فاعل خير» بتسديد تلك الديون عنهم خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث يرفض الباعة الكشف عن شخصيته. ويؤكد محمد سالم، وهو أحد الفقراء المستفيدين من الضمان الاجتماعي، أنه فوجئ قبل عيد الفطر بقيام «فاعل خير» بتسديد جميع المبالغ التي عليه، وهي 800 ريال، وقام «فاعل الخير» بالسداد عن سبع أُسرٍ أخرى، ومبالغ تجاوز بعضها ثلاثة آلاف ريال، ولا أعلم عنه شيئاً، ولا أعرف اسمه حتى هذه اللحظة، وأسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناته. ويؤكد عاملون في «البقالات» (محال تموينية صغيرة) وغالبيتهم من العمالة الآسيوية ل «الحياة»، أنه حدثت حالات قيام (فاعلي الخير) بالدفع عن الأسر الفقيرة التي لا تستطيع الدفع، يقول محمد كومار صاحب بقالة: «هناك عدد من الأسر لا تستطيع دفع مبالغ المواد التي تشتريها، فيتم تسجيل ذلك في دفتر خاص، وتصل بعض المديونيات إلى 1400 ريال، وهو أعلى معدل وأقله 200 ريال، ويتم التسديد مع استلام الراتب، وإلا يتم تأجيله حتى الشهر الذي يليه». ويرى «راجو رافين» أن كبار السن أكبر المترددين عليه، وخاصة في شهر رمضان حيث وصلت المبالغ المستحقة على أسرهم ستة آلاف ريال، وقد يزيد قليلاً ولكن في النهاية يتم التسديد ولو على دفعات متباعدة، مضيفاً «منذ عملي في هذا الحي الشعبي قبل نحو تسع سنوات، تعرفت على جميع الأسر، وعرفت ظروف كل أسرة، ولكن هناك التزام بالدفع، حتى ولو بعد أشهر عدة»، وقال: «يحدث أن يأتي (فاعل خير) ويسدد ديون بعض الأسر الفقيرة، ويرفض الإفصاح عن شخصيته، وأقوم بإخبار الأسرة بأنه تم دفع حسابها». فيما رفض سراج محمد (عامل في بقالة) الحديث في البداية، عن الموضوع، ظناً منه أننا من مكتب العمل، ولكن قرر الحديث معنا، وقال: «بالنسبة للبيع الآجل فهو ممنوع منعاً باتاً، لأسباب عدة ، منها وجود مبالغ لم يتم سدادها تتجاوز 15 ألف ريال منذ نحو عامين، ولا أزال في كفاح مع أصحابها لدفعها، لذلك قررت عدم البيع بالأجل مشيراً إلى لافتة معلقة في المحل (الدين ممنوع والعتب مرفوع)». وتقول أم فهد، التي تجاوز عمرها 60 عاماً، ليس لدي دخل سوى مبلغ الضمان الاجتماعي وهو 850 ريالاً فقط، فكيف أسدد الفواتير ومستلزمات العيد ورمضان وغيرها، لذلك أضطر في كثير من الأوقات تسجيل ما أشتريه على الحساب، وربك كريم يرزق من يشاء بغير حساب. ويقول أبو عبد الرحمن: «التسجيل على الحساب في الدفتر، حل كثيراً من مشكلاتي المادية»، مضيفاً «لدي ثلاثة أطفال، وكل يوم يريدون حليباً وبطاطس وعصائر، ومستلزمات، وراتبي لا يتجاوز 2300 ريال، منها فواتير كهرباء وإيجار منزل ومصروف لزوجتي، ويتبقى من راتبي 700 ريال فقط أصرف منها حتى نهاية الشهر». وحول قيام فاعل خير بالدفع عنه، قال: «أسمع بهذا الموضوع ولكن لم يقم أحد بالدفع عني». ويتمنى أبو فهد، «أن يكون هناك نظام الجمعيات التعاونية، التي تسهم في مساعدة الفقراء في تلبية حاجاتهم الضرورية، فهناك رجال لا يتجاوز راتبهم 2000 ريال، يصعب عليهم تأمين مستلزماتهم المنزلية». وأضاف «الدفع من قبل فاعلي الخير، عن الأسر الفقيرة يزيح عن كاهلهم هَمّ تأدية الدين، وفي النتيجة هم يأخذون من البقالات مواد تموينية أساسية يستخدمونها في توفير الطعام لهم».