منذ سنوات وأحمد العمري (موظف) تربطه علاقة من نوع خاص بالعامل الهندي في البقالة المجاورة لمنزله. تقوم هذه العلاقة على مبدأ الثقة أولا وأخيرا، العمري لا يدفع مالا مقابل الأغراض التي يشتريها بشكل شبه يومي من البقالة، ويكتفي بالإيعاز للعامل بتسجيل المشتريات في الدفتر، ويبادل العامل زبونه هذه الثقة بانتظاره حتى آخر الشهر الذي سيكون موعدا للسداد. الاستدانة من البقالات على الدفتر إلى نهاية الشهر وسيلة يلجأ إليها البعض للتداول السريع في عملية الشراء على أن يتم السداد عند استلام الراتب، ومع ارتفاع متطلبات الحياة اليومية يزيد عدد الدفاتر في البقالات التي تقوم على هذه العملية. مواقف كثيرة تتخلل هذه المديونيات، فهناك من لا يلتزم بالسداد وآخرون يقفون عن حدود معينة من القيمة ويقفل الحساب حتى استيفاء الحقوق المتأخرة، وهناك من المتعثرين من تدخله هذه الحسابات في مشاكل مع أصحاب البقالات تصل للشكوى إلى الجهات الأمنية. محمد نور الدين (عامل في إحدى البقالات) يؤكد أن دفتر البقالة هو جزء من عملية البيع، وعادة ما يتدخل صاحب البقالة لتحديد الأشخاص الذين يمكن تقديم هذه الخدمة لهم وتحديد الحد الائتماني للمقترض. ويشير إلى أن بعض البقالات تضطر لهذا الإجراء من أجل تحريك عملية البيع والشراء الراكدة أحيانا، ولكنه لا يخفي المشاكل التي يواجهها مع بعض المتعثرين في السداد. وفي موقع آخر يقول العامل مجاهد صابر إنه يتعاطف مع كثير من الأسر في الحي، خصوصا تلك التي تعاني من مشاكل مادية ولا تستطيع الدفع، فيفتح لهم حسابا في الدفتر حتى آخر الشهر، أما الأشخاص الذين لا يسكنون في الحي فمن الصعب التعامل معهم لصعوبة استيفاء الحقوق في ما بعد. ويؤكد عامل في بقالة أخرى أنه تحمل سداد أكثر من 700 ريال لأن المستدين امتنع عن السداد بحجة أنه فصل من العمل. ومن المشاكل التي تواجه أصحاب البقالات في هذا الخصوص، اختفاء الشخص المدان إما لسفره أو لنقله من الحي أو تغيير رقم جواله، وهنا تبدأ رحلة من نوع آخر للبحث عنه من خلال السؤال عنه عن طريق معارفه في الحي أو جهة عمله أو السداد من رواتب العاملين. وفي المقابل يتفاجأ بعض المتعاملين مع البقالات بوجود مبالغ أكثر مما هو متوقع أنهم استفادوا منها، وينصح دائما بمراجعة الحسابات عند موعد السداد. ويقول وهيب الراجح إن بعض عمال البقالات يستغلون طيبة المستدينين، فتتم إضافة مبالغ أخرى وهمية، وهو ما حدث مع شقيقي، وحين اكتشف صاحب البقالة هذا الأمر طرد العامل وخصم المبالغ المضافة من راتبه. ويرى محمد حسين أن عملية الاستدانة سلاح ذو حدين فهي مديونية تضاف إلى باقي الديون التي ننتهجها في حياتنا العامة، فالراتب يوزع على الإيجار وتسديد الفواتير والأقساط وأصحاب البقالات وهكذا، حتى أصبحنا نعيش في دائرة السلف والمديونية، ويشير إلى أن أعلى أجر يدفعه إلى صاحب البقالة المجاورة يصل إلى ثلاثة آلاف ريال، «في المقابل لم أتأخر عن السداد في أي شهر وكلي ثقة في محاسب البقالة ولم أراجع المديونيات التي تقيد علي في الدفتر».