ما إن نشرت إحدى الصحف المحلية كلاماً لعدد من العلماء الحاليين يهاجمون فيه الإخوان المسلمين، إلا ونبش المؤيدون كلاماً آخر لعلماء سابقين من كبار العلماء يشيدون فيه بجماعة الإخوان المسلمين وأنها من الجماعات الأقرب للحق والصواب. الجدل حول الإخوان المسلمين ليس وليد الساعة، فمنذ بواكير الحراك الصحوي إبان فترة التسعينات، والتحذير فاعل من الحركة العلمية السلفية (الجامية)، إلا أن الأوضاع السياسية التي تعيشها مصر بعد خلع الرئيس محمد مرسي أعادت الواجهة للإخوان وللفتاوى المتعلقة بهم. تبدو حركة الإخوان غير آبهة بما يطرحه الخصوم، خصوصاً التيار السلفي العلمي، إذ تثق بحجم حضورها في البلدان العربية، ولم تتأثر على رغم أقدمية الهجوم، بل تعد الفاعل الأكثر تأثيراً وتنظيماً في عدد من البلدان العربية. عدد من المغردين السعوديين تناقلوا فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جاء فيها ما نصه :«أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق وأحرصها على تطبيقه أهل السنة وهم أهل الحديث وجماعة أنصار السنة ثم الإخوان المسلمون، وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء فيها خطأ وصواب، فعليك بالتعاون معها في ما عندها من الصواب، واجتناب ما وقعت فيه من أخطاء، مع التناصح والتعاون على البر والتقوى». (فتاوى اللجنة: المجلد 34 الصفحة 91). وكانت الفتوى مذيلة باسم المشائخ: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، عبدالرزاق عفيفي، عبدالله بن قعود، عبدالله بن غديان رحمهم الله جميعاً. كما استشهدوا بفتوى أخرى للراحل الشيخ عبدالله بن جبرين - رحمه الله - التي قال فيها: «أما تعدد تلك الجماعات فلا نرى أن الجميع من الفرق الضالة لمجرد اختلاف الأسماء إذا كان الهدف واحداً، فهناك جماعة التبليغ في المملكة وما حولها أغلبهم من خريجي الجامعات الإسلامية وعلى عقيدة أهل السنة، لكنهم رأوا الدعوة إلى الله بالأفعال والرحلات أكثر تأثيراً. وهناك السلفيون من أهل السنة والجماعة رأوا تفضيل التعلُّم والتوسع في المعلومات العقدية. وهناك الإخوان المسلمون رأوا الاشتغال بالدعوة والتصريح بالمنكرات. وهناك من رأى الهجر والبعد عن العصاة ولو كانوا رؤساء. وهناك من أجاز التدخل مع الولاة لتخفيف شرهم. والأصل أن الجميع على معتقد أهل السنة فلا يعدون من الفرق الضالة، فإن وجد من بينهم من هو على عقيدة مخالفة كالتعطيل والتشبيه وإباحة الشركيات والقول بالإرجاء أو قول الخوارج، أو إنكار قدرة الله، فإنه يحكم على من اعتقد ذلك بأنه من الفرق الضالة، ويحذر من الانخداع بدعوته. والله أعلم». موقع الشيخ ابن جبرين فتوى رقم (11622). ويقول الشيخ ابن جبرين - رحمه الله - وفقاً لما تداوله النشطاء أيضاً: «نقول إن كل جماعة وطائفة تعمل بالسُنّة وتدعو إلى الشريعة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكر وتتجنب المُحرمات والبدع والمُحدثات فإننا نواليهم ونُحبهم، وإذا كان معهم شيء من النقص أو المُخالفة ننصحهم ونُحذرهم من مخالفة الشريعة، فيدخل في ذلك الإخوان المسلمون الذين يقومون بالدعوة إلى الله تعالى وينصحون المسلمين ويُبينون الخير لمن صحبهم». موقع الشيخ ابن جبرين فتوى رقم (2975). في حين نشرت إحدى الصحف المحلية أخيراً فتوى لعدد من علماء المملكة، أكدوا فيها أن جماعة «الإخوان المسلمين» لا تحب أهل «السنة»، داعين إلى عدم تقبل هذه الجماعة لأنها «تريد أن تفرقنا وهدفهم السلطة»، لافتين إلى أن «جماعة الإخوان ليس لها أصل في سلف هذه الأمة، وأنهم يبذلون أنفسهم ويعينون بعضهم حتى يصلوا بطريقة أو بأخرى إلى السلطة» معتبرين أن «من مظاهر هذه الجماعة وأصولها أنهم يغلقون عقول أتباعهم عن سماع القول الذي يخالف منهجهم»، إذ قال عضو هيئة كبار العلماء الدكتور صالح بن فوزان الفوزان رداً على سؤال: هل هذه الجماعات تدخل في ال72 فرقة الهالكة؟ فأجاب: «نعم، كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في ال72 فرقة». أما عضو هيئة كبار العلماء الدكتور صالح بن محمد اللحيدان فقال: «الإخوان وجماعة التبليغ ليسا من أهل المناهج الصحيحة، فإن جميع الجماعات والتسميات ليس لها أصل في سلف هذه الأمة». فيما قال وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: «أما جماعة الإخوان المسلمين فإن من أبرز مظاهر الدعوة عندهم التكتم والخفاء والتلون والتقرب إلى من يظنون أنه سينفعهم وعدم إظهار حقيقة أمرهم».