باءت أحلامها بالفشل، بعد أن حاولت بطرق عدة طرق باب العمل، والالتحاق بوظيفة تعينها على سداد إيجار غرفتها في السكن الجامعي الأهلي في مدينة جدة، لتعتقد أن مشوار سخرية زميلات الدراسة ونظرات التعجب المليئة بالشفقة تارة، وبالاستهزاء تارة أخرى قد انتهى، ولكن سرعان ما خابت كل اعتقاداتها حيال وزنها الزائد وسمنتها المفرطة. تحولت البدانة إلى كابوس قبيح يحدق بأصحابه، فبات يمثل لهم الاندماج في المجتمع، واقتناص الفرص كأي شخص آخر تحدياً كبيراً وحلماً وردياً يتطلعون إليه، خصوصاً مع اعتقاد الكثيرين بأن قبول المجتمع يتطلب أن يكون المرء على درجة من الرشاقة وحسن المظهر، وتبقى نظرة المجتمع السلبية إلى الفتاة البدينة عائقاً يحد من طموحها ويتجاهل إمكاناتها الدفينة، بدءاً بسخرية الأقران في الطفولة مروراً بتعثر الزواج في المنتصف وانتهاء بالرفض الوظيفي لهن. تسرد لطيفة حسن قصتها: «توقفت عن الذهاب إلى المدرسة في الصف الأول المتوسط جراء سخرية زميلاتي حتى بدأت بالانعزال شيئاً فشيئاً، وقررت بعدها ترك المدرسة، ولكن حبي للعلم وطموحي الصغير أخذا يشعراني بالحنين، حتى استطعت الالتحاق بمدرسة الكبيرات، واستطعت بعد أعوام الحصول على الثانوية العامة، حينها كان عمري وصل إلى 32، بعدها شعرت أنني سأحقق كل طموحاتي». سعت لطيفة لاستكمال دراستها الجامعية أملاً منها في التخرج والعمل رغبة في مساعدة أسرتها وتحسين وضعهم المعيشي، فتركت مدينتها الصغيرة والتحقت بجامعة الملك عبدالعزيز بنظام الانتساب بسبب تدني نسبتها التي لا تؤهلها للدراسة نظامياً، ودخلت في دوامة البحث عن وظيفة منذ ثمانية أشهر. وبنبرة صوت يتخللها يأس خفي تقول لطيفة: «كبرت صدمتي عندما طرقت أبواباً كثيرة ولكن من دون جدوى لم أكن أتخيل أن يقف وزني عائقاً لالتحاقي بوظيفة براتب زهيد، وحتى الآن أجريت مقابلات شخصية في أكثر من 12 شركة ومقر عمل، ولكنها جميعاً تنتهي بالرفض بسبب وزني ومظهري الخارجي، وتجاهل لباقتي ورغبتي الشديدة في العمل». وقالت لطيفة إنها كانت تستشف الرفض من ردود الجهة المعنية بالتوظيف محافظة على مشاعرها، ويكون الرفض بطريقة طلب شروط لم تكن مدونة في الإعلان من الأصل، ولكن البعض الآخر كان يصرح لها بسبب عدم القبول، وهو أن شكلها غير لائق بسبب زيادة وزنها، لتعود لطيفة إلى منزلها محملة بالكثير من الأسئلة في كيفية تحملها مشقة التعليم لتذهب أعوام عمرها في الركض خلف شهادة لن تؤهلها للعمل في أي جهة وظيفية بسبب بدانتها ووزنها الزائد. ويرى مدير المركز الإعلامي لوزارة العمل عبدالعزيز شمسان أن وزارة العمل لا تتدخل في آلية التوظيف في المنشآت، لأن لكل منشأة حرية اختيار الموظف المناسب لها، وبالتالي كفاءة الموظف ومؤهلاته العلمية والعملية هي التي تفرض على الجهة توظيفه فيها. وقال ل«الحياة» إن من الأمور التي ليس للوزارة شأن بها هي عملية «التمييز»، مضيفاً «ففي حال حرمان مواطن من حق من حقوقه وإقصائه من العمل بسبب تمييز ضد لونه أو شكله، هناك جهات يستطيع اللجوء إليها لأخذ حقه، سواء أكانت حقوق الإنسان أم الجهات القانونية كالمحاكم». وأضاف شمسان: «أما بخصوص وجود تنظيم معين يضع البدناء تحت لائحة معينة في التوظيف، فهذه الفئة لا تندرج تحت مسمى ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك خلاف لتعريف الشخص السمين، ولا يوجد رابط موحد نستطيع إدراجهم فيه، فهناك من يقول إن السمين هو من يتجاوز وزنه 150 كيلوغراماً، وهناك من يعتبر وزن ال100 كيلوغرام سميناً، ويتفاوت ذلك من شخص لآخر».