يلعب عمق أسواق المال دوراً مهماً في تحديد مستوى سيولتها، ويساهم تنوع الأوراق المالية وحجمها في زيادة عمق الأسواق من جانب العرض، بينما يعتمد عمق الأسواق من جانب الطلب على تنوع قاعدة المستثمرين واتساعها، أي مدى توافر مستثمرين في الأجل البعيد، ومضاربين، وصناديق استثمار مشتركة، ومحافظ استثمار، واستثمار أجنبي فردي ومؤسسي. وللمصارف التجارية الإماراتية دور مهم في أسواق المال من جانب العرض إذ جرى إدراج المصارف التجارية كلها في هذه الأسواق. وعدد هذه المصارف 22 وبلغت قيمتها السوقية هذا الأسبوع 284 بليون درهم (77 بليون دولار) تشكل ما نسبته 48.7 في المئة من إجمالي القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في أسواق الإمارات. وبلغت قيمة تداولات المصارف هذا الأسبوع 29 بليون درهم تشكل ما نسبته 24 في المئة من إجمالي تداولات الأسواق والبالغة قيمتها 121 بليون درهم. هذه الأرقام مؤشر مهم إلى الدور الذي تلعبه أسهم المصارف في تعزيز سيولة الأسواق المالية الإماراتية وعمقها، خصوصاً إذ ساهم تحسن مؤشرات أدائها ونمو أرباحها وارتفاع قيمة توزيعاتها وجاذبية أسعارها في ارتفاع حجم الطلب على أسهمها. وكانت لمبادرة عدد مهم من المصارف إلى إنشاء صناديق استثمار مشتركة، واستثمار جزء من أصولها في أسواق الأسهم الإماراتية، إضافة إلى تأسيس أقسام متخصصة في إدارة المحافظ الاستثمارية، مساهمة في تعزيز سيولة جانب الطلب في الأسواق. وعززت الثقة التي تتمتع بها المصارف من قبل زبائنها في اتساع قاعدة المستثمرين في هذه الصناديق والمحافظ في ظل توافر كوادر بشرية مؤهلة ومتخصصة ومتفرغة تشرف على إدارة هذه الصناديق والمحافظ، إضافة إلى تأسيس هذه المصارف إدارات للدراسات والبحوث والاستشارات المالية، تساهم في ترشيد قرارات المستثمرين. ويقع على عاتق المصارف التجارية في هذه المرحلة التي تشهد فيها أسواق المال ارتفاعاً في مستوى الثقة انعكس في صورة واضحة على حجم الطلب والتداول، فتحسنت كل مؤشرات الأداء، إلى جانب عملها الدائب في نشر ثقافة الاستثمار في أسواق المال من خلال صناديق الاستثمار المشتركة، وخصوصاً من شريحة صغار المستثمرين، لتعزيز سيولة الاستثمار المؤسسي وخفض حصة الاستثمار الفردي من أجل رفع كفاءة الأسواق وخفض أخطارها. وتؤدي المصارف التجارية دوراً مهماً في تعزيز حجم الطلب من خلال استثمار جزء من مواردها المالية في أسهم الشركات المدرجة، إضافة إلى دورها المهم في تمويل المستثمرين في الأسواق. ويُلاحظ تشدد المصارف في صورة واضحة خلال السنوات الأربع الماضية في توفير التمويل للمستثمرين في الأسواق نتيجة ارتفاع الأخطار في الأسواق. ويُفترَض في ظل التحسن الكبير الذي تشهده مؤشرات أداء الأسواق والتحسن في المؤشرات الاقتصادية والمالية الأساسية وانعكاسها على أداء الشركات المدرجة ونمو توزيعاتها، إعادة النظر في سياسة التحفظ والتشدد التي انتهجتها المصارف خلال السنوات الماضية في منح القروض للمضاربين والمستثمرين في الأسواق المالية، عسى زيادة هذه القروض تساهم في تعزيز سيولة الأسواق وزيادة عمقها. وبادرت معظم المصارف الوطنية إلى تأسيس شركات للوساطة المالية استقطبت شريحة مهمة من المستثمرين نظراً إلى الثقة التي تتمتع بها هذه المصارف، خصوصاً في ما يخص الاستثمار المؤسسي والأجنبي. وبادرت بعض المصارف إلى تقديم خدمة إيداع الأوراق المالية التي عززت حصة الاستثمار المؤسسي الأجنبي في أسواق الإمارات، وتساهم في حفظ حقوق المستثمرين. مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»