أدت الشروط التي طرحها أخيراً ممثلو الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن منذ آذار (مارس) إلى عقبة تهدد بنسف العملية الانتقالية، كما وضعت الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مأزق صعب أمام الرأي العام المحلي والدولي، وذلك قبل أقل من ثلاثة أسابيع من المدة المقررة لانتهاء الحوار والبدء في كتابة الدستور الجديد. جاء هذ التطور في ظل تنامٍ لمشاعر الانفصال في الجنوب المشتت بين خيارات قادة فصائله السياسية، وزادتها تعقيداً مغادرة القيادي البارز محمد علي أحمد إلى خارج البلاد تاركاً وراءه رئاسة فريق «القضية الجنوبية» في مؤتمر الحوار، حتى تتم تلبية شروط «الحراك» الذي طالب منذ أسبوعين بنقل الحوار إلى الخارج وأن يكون عدد ممثلي كل من الشمال والجنوب متساوياً وتحت رعاية دولية. في هذا السياق، أكد هادي، خلال لقاء مع لجنة التوفيق في مؤتمر الحوار، أن القوى السياسية على «المحك وأمامها اختبار تاريخي» داعياً إلى عدم التفريط في ما وصفه ب «الفرصة التاريخية النادرة» لإنجاز المشروع الوطني المستقبلي. وعلى رغم إنجاز معظم القضايا المطروحة على طاولة الحوار، شكل انسحاب ممثلي «الحراك الجنوبي» ضربة قوية للمؤتمر، حالت دون البدء في التوافق على القضايا المصيرية المتعلقة ببناء الدولة ونظام الحكم والتقسيم الإداري الذي سيحدد طبيعة العلاقة بين الشمال والجنوب من جهة، وبين مختلف المناطق والأقاليم من جهة أخرى. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن اجتماع هادي ناقش مع لجنة التوفيق عدداً من»القضايا والموضوعات المتصلة بمخرجات الحوار وشكل الدولة وبنائها على أسس تلك النتائج التي تمثل خلاصة عمل وطني كبير يعتبر جوهر عملية التغيير على أساس معطيات برامج المرحلة الانتقالية والتسوية السياسية التاريخية في اليمن المنبثقة من أسس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية». ونقلت الوكالة عن هادي قوله إن «جميع القوي السياسية والوطنية على المحك وأمامها اختبار تاريخي وفرصة هي أيضا مهمة جداً في تاريخ اليمن الحديث ولا بد من العمل على إنجاز هذا المشروع الوطني الكبير وعدم التفريط بهذه الفرصة التاريخية والنادرة وبمعايير العصر الحديث ومتطلبات القرن الواحد والعشرين». وأكد ما ذكرته الوكالة «أن هناك اتفاقاً شاملاً على معظم المخرجات بمختلف اتجاهاتها والتي ستصب في قالب عقد اجتماعي جديد يرتكز عليه نظام الحكم الرشيد وعلى أساس توزيع الثروة والسلطة والعدالة والحرية والمساواة و تحت سقف الوحدة». إلى ذلك، رأس هادي اجتماعاً مع هيئة رئاسة الحوار الوطني، ودعا إلى الإسراع بإنجاز ما تبقى من أعمال الفرق واللجان، خصوصاً فريق القضية الجنوبية، مطالباً القوى السياسية والمجتمعية بتحمل مسؤوليتها وقال: «كل عمل كبير حتماً يكون في بداياته بعض الصعوبات حتى تبدأ العجلة دورانها وكذلك تبدأ بعض التحديات عند النهاية». في غضون ذلك، علمت «الحياة» أن هناك توجهاً للمضي في أعمال الحوار وتأجيل الجلسة الختامية المقررة في 18 أيلول (سبتمبر) حتى يتم إقناع ممثلي «الحراك الجنوبي» بالعودة إلى طاولة الحوار، ما سيستدعي تمديد النقاشات شهراً إضافياً على الأقل. على صعيد آخر، شهدت مدن في جنوب اليمن، أمس عصياناً مدنياً في فترة الصباح، نفذه الفصيل الموالي لنائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض المقيم في الخارج والمطالب بالانفصال عن الشمال.