قرّرت المملكة العربية السعودية والمغرب، إنشاء صندوق استثماري بمشاركة القطاعين العام والخاص، لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي والشراكة الإستراتجية بين البلدين، وتسيير خطوط ملاحة بحرية تربط بين طنجة والدار البيضاء في المغرب وتصل إلى جدة مروراً بميناء رادس في تونس، لتطوير التجارة البينية والمبادلات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول شمال أفريقيا. وأكد البلدان في ختام أشغال الدورة ال 12 للجنة العليا المشتركة، التي رأسها في جدة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ونظيره المغربي سعد الدين العثماني، «أهمية تطوير العلاقات في كل المجالات وتذليل الصعوبات والعقبات أمام مشاريع القطاع الخاص ورجال الأعمال، بما يخدم التكامل الاقتصادي والتعاون الثنائي والاستراتجي». واعتبر الأمير سعود الفيصل، أن علاقات بلاده مع المغرب «نقطة مضيئة لما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية - العربية»، مشيداً بدور الرباط العربي واستقرار المغرب ونهضته الاقتصادية والتنموية، في ظل حكم الملك محمد السادس. وشدد العثماني، على محورية العلاقات مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، لافتاً إلى أن المغرب «ملتزم دعم أشقائه في الخليج في كل المجالات». ودعا إلى «الارتقاء بالتعاون الاقتصادي إلى مثيله السياسي لبلوغ التكامل الاستراتجي». ويرتبط البلدان باتفاقات للتعاون في كل المجالات، منها التعاون الاستراتجي الذي يشمل أيضاً الإمارات والكويت وقطر والبحرين، وهي صيغة اقل من العضوية وأكثر من الشراكة. وتتقاسم تلك الدول مواقف متشابهة من الأحداث في المنطقة العربية، منها دعم إرادة الشعب المصري في التغيير، ومساندة المعارضة السورية واستقلال لبنان وسيادته، ومنع التدخل في الشؤون الداخلية للبحرين، ومساعدة ليبيا وتونس على تجاوز صعوبات المرحلة. وأفادت مصادر من اللجنة المشتركة، بأن مشروع الخط البحري بين السعودية والمغرب «سيرى النور قريباً، مشيرة إلى وجود صيغ لتسيير هذه الرحلات من جدة إلى طنجة عبر مرسيليا الفرنسية ورادس التونسية، على أن تضم موانئ أخرى في جنوب البحر الأبيض المتوسط في مرحلة لاحقة (موانئ مصر أكثر ترجيحاً بعد تجاوز الأزمة). وتقدر قيمة المبادلات بين الرياضوالرباط بنحو 3 بلايين دولار، معظمها في قطاع الطاقة والمحروقات حيث يسجل الميزان التجاري فائضاً لحساب الشركات السعودية. وفي حين يسعى المغرب إلى زيادة صادراته من السلع الغذائية والزراعية والصناعية الحديثة، ومنتجات الصناعات الحرفية. ويبلغ عدد الحاويات المتبادلة بين البلدين شهرياً نحو 5 آلاف، تقوم بها شركات وسيطة وعبر موانئ أجنبية ما يزيد كلفة الشحن وأسعار البضائع في أسواق البلدين. وتُعتبر السعودية الشريك التجاري العربي الأول للمغرب، والمستثمر العربي الثاني بعد الإمارات. وتراهن الرباط على زيادة الاستثمارات السعودية والخليجية في هذه المرحلة التي تحتاج فيها الخزينة المغربية، إلى موارد إضافية من العملات الصعبة لمواجهة شح السيولة وارتفاع عجز الميزان التجاري نتيجة الزيادة في أسعار الطاقة في السوق الدولية. كما ترغب الرباط في إشراك الشركات الخليجية في مشاريعها التنموية، وبرامج الطاقات المتجددة والتنقيب عن النفط الذي تباشر به شركات بريطانية وأميركية واسترالية وإرلندية. وكانت الرياض سباقة إلى مد المغرب بالدفعة الأولى من المساعدات التي قررتها دول مجلس التعاون الخليجي، إلى كل من الأردن والمغرب بقيمة خمسة بلايين لكل من البلدين، لتمويل مشاريع ذات أبعاد اجتماعية وتنموية، مثل التعليم والصحة ومياه الشرب. ورأت مصادر مراقبة، أن لاجتماع اللجنة السعودية - المغربية العليا في جدة أهدافاً سياسية، على رغم غطائه الاقتصادي في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر فيها المنطقة العربية، ويشكل حلف الرياض - الرباط محورها الأساس لدعم استقرار المنطقة وتجنبها مزيداً من الأزمات المرتبطة بتداعيات الحراك العربي شرقاً وغرباً.