تراهن عشرات الشركات الاسبانية على دينامية الاقتصاد المغربي، للتغلب على تداعيات الأزمة المالية الأوروبية، عبر الانتقال للعمل في الضفة الجنوبية للبحر الابيض المتوسط، بخاصة في العقار والسياحة وتصنيع الملابس وقطع الغيار للسيارات. وأوضحت وزيرة الخارجية الاسبانية ترينيداد خمنيس في تصريح الى «الحياة» ان مدريد ترغب في زيادة تعاونها الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الرباط، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الأوروبية، التي طاولت عدداً من دول الاتحاد، منها اسبانيا التي تباطأ اقتصادها وتطلبت مديونيتها الخارجية السيادية اتخاذ إجراءات تقشّف صارمة. واكدت المسؤولة الاسبانية التي اختتمت زيارة رسمية للرباط استمرت يومين، أن الاتحاد الأوروبي قادر على التغلّب على أزماته المالية والاقتصادية، لكنها شددت على أهمية تعميق التعاون الاقتصادي والشراكة الإستراتيجية مع المغرب، باعتباره ثاني اكبر شريك لاسبانيا تجارياً واستثمارياً. وأشارت الى ان الجانبين يريدان تعزيز العلاقات عبر مزيد من الاستثمارات والشراكات الاقتصادية والتجارية، في مرحلة دقيقة وصعبة تجتازها المنطقة العربية. ووصفت الإصلاحات في المغرب ب»الرائدة في المنطقة عبر إقرار دستور جديد والإعداد لانتخابات برلمانية»، علماً ان انعقاد اللجنة العليا المختلطة أرجأت الى حين تشكيل حكومة جديدة في البلدين. وكانت 200 شركة اسبانية تعمل في قطاعات عدة انتقلت الى شمال المغرب، بخاصة حول مدينة طنجة، وأنشأت مشاريع في قطاع العقارات وصناعة قطع السيارات. وافادت مصادر من تلك الشركات «الحياة»، بأن الظروف الاقتصادية في المغرب أفضل منها في اسبانيا ودول أوروبية أخرى، إذ يتواصل الطلب على العقار والسياحة، كما أن طنجة تستعد لتصنيع سيارة «داسيا» المعدلة في مصانع «رينو- نيسان»، في شرق المدينة الذي بدأ يستقبل مئات السفن العابرة للقارات في الميناء الجديد «طنجة المتوسط». وطنجة هي ثاني مدينة صناعية بعد الدارالبيضاء وتقدر استثماراتها الخاصة ب15 بليون دولار، ويتوافد إليها السياح الأثرياء الاوروبيون والعرب والاميركيون، الذين يسعى بعضهم الى اقتناء منازل ثانوية مطلة على البحر. وكانت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 والأوروبية في العام الجاري، أضرت بعشرات الشركات الاسبانية التي فضلت اللجوء الى المغرب، مثل «فاديسا» و»مارينا دور» العقاريتين، لقناعتها باستمرار الانتعاش في قطاع العقار الراقي والمتوسط. وأعلنت شركات إسبانية عدة الإفلاس، بخاصة في قطاع العقار وسرّحت عمالاً محليين وأجانب، منهم عمال مغربيون. ويذكر ان تحويلات العمال المغربيين منها تشكل نحو 700 مليون يورو سنوياً. وترغب الشركات الاسبانية في الحصول على جزء من الاستثمارات المرتقبة في المغرب، المقدرة ب 130 بليون دولار في البنى التحتية والموانئ والمطارات، والريّ والزراعة والسكك الحديد والسكن الاجتماعي.