حذر خبراء اقتصاديون من مخاطر استمرار تدني الادخار لدى السعوديين على الاقتصاد المحلي، مشيرين إلى أن 85 في المئة من الأسر السعودية لا تدخر من دخولها شيئاً، وتلجأ إلى تسييل مدخرات سابقة أو الاقتراض من المصارف للوفاء بمتطلباتها، مشيرين إلى أن المجتمع يعاني من نمو معدلات الاستهلاك على حساب الادخار. واعتبر الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن «85 في المئة من الأسر السعودية لا تهتم بالادخار، خصوصاً الأشخاص الذين يعتمدون على الدخول الشهرية»، مشيراً إلى أن الكثير من الأشخاص يقومون في حال زيادة دخولهم باستهلاك تلك الزيادات من دون تحويلها للادخار وهو أمر عام في السعودية. وأشار إلى أن «من أكبر عيوب الاقتصاد السعودي عدم اعتماده على ادخار الأفراد، فالجانب الاستهلاكي يطغى على كل شيء، ما يؤثر في نمو الاقتصاد، ويزيد معدل التضخم بسبب زيادة الاستهلاك»، موضحاً أن من المشكلات التي نجمت عن غياب ثقافة الادخار «تعرض الأسر السعودية إلى أزمات مالية في كل شهر، ليس بسبب تدني الدخل، ولكن بسبب غياب ثقافة الادخار والتخطيط المالي»، لافتاً إلى اعتماد كثير من الأسر على القروض، على رغم أنه يفترض ألا يتم الاقتراض إلا في حدود ضيقة جداً، ما يؤدي إلى وقوع تلك الأسر تحت ضغط مالي مستمر. وأضاف أن اقتصادات المجتمعات المتقدمة تقاس بمعدل ادخار مواطنيها، وهو مؤشر على الرفاهية التي يعيشونها ودليل على التنظيم والتخطيط المالي، مبيناً أن زيادة الادخار في أي مجتمع تؤكد قوة ومتانة الاقتصاد، في حين أن زيادة الإنفاق الاستهلاكي يزيد ربحية الشركات والقطاع التجاري وإرهاق كاهل المستهلك. وذكر أن بعض المشاريع المهمة التي تعتمد على مدخرات المواطنين في المقام الأول مثل الشركات التي تصرح للاكتتاب في سوق الأسهم لا يستطيع أكثر من 15 في المئة الاستفادة منها بسبب عدم توافر أموال لديهم. من جهته، انتقد الخبير الاقتصادي يوسف الزامل تدني ثقافة الادخار لدى السعوديين. وقال: «تقوم الأسرة بصرف أكثر من دخلها بنسبة 10 في المئة، ما يعني أنها تقوم باستدانة تلك الزيادة شهرياً، أو تسييل مدخرات سابقة، مشيراً إلى أن نحو 85 في المئة من السعوديين لا يدخرون شيئاً من دخولهم. وأرجع الزامل عدم ادخار غالبية السعوديين إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخول نسبياً وزيادة كلفة المعيشة وغياب ثقافة الادخار. أما عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور فهد بن جمعة فأوضح أن المجتمع السعودي ينقسم إلى ثلاث فئات من حيث الدخل، وهي: فئة الدخول المنخفضة التي تبدأ من 3 آلاف ريال شهرياً، وفئة أصحاب الدخول المتوسطة الذين تراوح دخولهم بين 5 و 6 آلاف ريال، وفئة أصحاب الدخل المرتفع الذين تبدأ رواتبهم من 15ألف ريال فما فوق». وأضاف ابن جمعة في حديثه إلى «الحياة»، أنه في ظل عدم امتلاك الكثير من المواطنين مساكن، وقيامهم بتسديد أقساط قروضهم الاستهلاكية التي حصلوا عليها، فإنهم أصبحوا غير قادرين على ادخار أي مبالغ من رواتبهم، ما أدى إلى تفشي ثقافة «عش يومك». وأشار إلى «اختلاف ثقافة السعوديين عن ثقافة الغربيين، إذ إنهم في الغرب يخططون لمستقبلهم، وتسببت ثقافة «عيش يومك» التي يعاني منها الكثير من المواطنين في عدم سعي الشخص للبحث عن دخل ثان لتحسين أوضاعه المادية، كما أثرت في عدم قيام المواطنين بتطوير قدراتهم لتحقيق دخول أفضل. وعن كيفية تعزيز ثقافة الادخار لدى السعوديين، قال ابن جمعة: «من المهم تعديل سلوك الموظف، إذ إنه لا يجب أن يكتفي بالدخل الذي يتقاضاه، كما يجب عليه وضع موازنة شهرية للإنفاق، إذ إن الكثيرين يقومون بصرف دخولهم من دون تخطيط، وتكون مصاريفهم أكثر من دخولهم الشهرية، ويدخلون في دوامة القروض، وبالتالي يصبح من المستحيل أن يدخروا من دخولهم». وشكك ابن جمعة فيما أعلنه البنك الدولي أخيراً من أن متوسط دخل الفرد في السعودية شهرياً يبلغ 6800 ريال، وقال: «لا توجد إحصاءات دقيقة صادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في هذا الموضوع، وهناك صعوبة في المقارنة بين أصحاب الدخول المرتفعة والمنخفضة، إذ إن الدخل المنخفض يبدأ من 3 آلاف ريال، والمرتفع من 15 آلاف ريال، وأخذ متوسط الرقمين لن يكون دقيقاً». وسجلت القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان أعلى مستوى لها في تاريخها عند 300 بليون ريال نهاية العام 2012، منها 37 بليون ريال قروض عقارية، و8 بلايين ريال قروض استهلاكية.