التحذيرات الأخيرة للخبراء والمختصين من تنامي ظاهرة القروض المتعثرة للأفراد التي تجاوزت 25 مليارا في الموسمين الأخيرين في الوقت الذي سجلت فيه القروض الاستهلاكية للأفراد نموا خلال الموسمين الأخيرين تجاوز 17 بالمائة عن العام 2009م بحسب تقارير مؤسسة النقد ووصلت إلى حدود 204 مليارات ريال. لاشك أن الأرقام تضعنا أمام أسئلة متلاحقة حول اتجاه البنوك للتوسع في الإقراض الاستهلاكي وبطاقات الائتمان وتشجيعها للاستهلاك السلبي الذي يؤدي إلى الزيادة في الطلب على السلع وارتفاع الأسعار وتحمل أعباء ديون أكثر وذلك على حساب التمويل الاستثماري الذي يحقق عوائد أكثر للاقتصاد الوطني. وأسئلة تخص المواطنين وعدم قدرتهم على الترشيد في عملية الاقتراض وتحملهم ديونا وأقساطا متراكمة يدفعونها من رواتبهم التي رهنتها البنوك لضمان السداد وهو ما يميل لصالح البنوك وما تحققه من عوائد أكبر بسبب ارتفاع تكلفة التمويل الشخصي مقابل تمويل الشركات ومعها يدخل المواطن المقترض في دوامة من عدم قدرته على ضبط موازنته وحياته المعيشية في ظل تضخم يأكل المدخرات والقروض ويجر الطبقة الوسطى إلى قاع الفقر ومن الأسئلة المهمة هل يلجأ المواطن إلى التمويل الشخصي لعدم قدرته على متطلبات الحياة المعتادة من تأمين وسيلة نقل وإيجار سكن وشراء مستلزماته الضرورية خصوصا أن شره التجار والعقاريين بلا حدود.. هل يصح أن نعتبر تلك المستلزمات الضرورية استهلاكية يستطيع المواطن أن يستغني عنها وهو سؤال نوجهه للخبراء والمختصين والأكاديميين والمسؤولين الماليين الذين يصرون على أنها قروض استهلاكية ويؤكدون هذه الحقيقة ونظاراتهم الثمينة على أرنبة أنوفهم؟! الادخار مفاهيمه غائبة عن مجتمعنا بلا أدنى شك وثقافة الادخار سلوك من المفترض أن نعززه في أسرنا ومحيطنا الاجتماعي وإن أمكن نحاضر ونحث عليه في مدارسنا لتصحيح الخلل الذي اكتسبناه منذ أيام الطفرة الأولى ولم نصححه رغم الانتكاسات المريعة والسنين العجاف التي مررنا بها. بقاء الدخول ثابتة وزيادة التضخم رغم الخطوات الجادة التي تتخذها الحكومة إلا أن ذلك لا يعفينا كمواطنين من عدم تغيير بعض أنماط معيشتنا استجابة لتحديات الواقع وكذلك ندعو مؤسسة النقد السعودي للإسراع بإيجاد حلول واقعية للمقترضين ووضع الخطط المجدية لحل مشكلة تراكم الديون على المواطنين حتى لا يصبح المواطن فريسة سهلة لمؤسسات وبنوك الإقراض.