ما إن تختفي الطائرة الثانية المتجهة للرياض في غياهب ظلام سماء القيصومة، حتى تتعطل الحركة في مطار القيصومة، وهو المطار الوحيد في محافظة حفر الباطن، الذي يُسيّر رحلتين يومياً لمطار الملك خالد الدولي في الرياض، إضافة إلى رحلتين فقط كل أسبوع لمطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، ليغلق أبوابه، تاركاً لأهالي المحافظة، الذين يربو عدد هم على نصف مليون نسمة، تجشم عناء الطريق، حينما يريدون الذهاب شرقاً إلى المنطقة الشرقية، أو غرباً إلى الحدود الشمالية والجوف، أو جنوباً إلى القصيم ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمناطق الجنوبية من المملكة. وعلى رغم توافر الإمكانات في المطار، وعلى رغم أن حفر الباطن تتبع إدارياً للمنطقة الشرقية، إلا أن أهالي المحافظة وقاطنيها، بحكم الوظائف لا يمكنهم السير سوى عبر طرق لا يهنأ لها بال، حتى تتخضب ببعض دماء مرتاديها، تاركة البعض يعيش قلقاً على مدى 450 كيلومتراً هي المسافة بين حفر الباطنوالدمام، كذلك الحال لمنطقة القصيم، التي يشكل المعلمون عدداً كبيراً من المتنقلين بينها وبين حفر الباطن. كما أن عدداً من طلاب الجامعات هناك. وينطبق الحال على منطقة الحدود الشمالية، التي يعمل عدد من أهلها في حفر الباطن. وقال محمد الجرمان: «إن المطالبة بتطوير مطار القيصومة تحتاج إلى تعاضد الجميع. ويجب أن يصل صوتنا لكل مكان. فهناك شركات طيران عدة رحبت بفكرة تسيير رحلات من مطار حفر الباطن وإليه. ولكن هناك ما يعترض هذا المطلب المشروع من دون معرفة السبب، وبالتالي آلاف المسافرين سنوياً من المعلمين والعمال والمواطنين يسافرون من طريق مطارات في مناطق أخرى، مثل القصيم أو الدمام أو الرياض أو حتى الكويت»، مبدياً أسفه «لأننا فقدنا على هذه الطرق الوعرة، مثل طريق الدمام، خيرة شبابنا، بل ذهب ضحيتها مدير مرور حفر الباطن السابق ماطر الحميداني «رحمه الله». فيما لفت سلمان الشمري إلى أن «الكثير من المراجعات الطبية والتحويلات إلى المستشفيات والدوائر الحكومية، تكون في الدمام، ما يعني السفر براً، وقطع مسافة تستغرق أربع ساعات ونصف الساعة، أو السفر إلى الرياض والانتظار في مطارها، ثم التوجه إلى الدمام، بطريقة مرهقة مالياً وجسدياً». وطالبت فاطمة العلي بالطلب ذاته، واصفة معاناة الطريق. وقالت: «منذ عامين صدر قرار تعييني معلمة مع زميلات في محافظة حفر الباطن. وعلى رغم حفاوة أهل المحافظة، وتعاملهم معنا الذي كسر جمود غربتنا، إلا أننا نعيش رعباً مرتين أسبوعياً، على طريق الدمام، إذ تتجه الحافلة التي تقلنا ظهر الخميس من حفر الباطن، في رحلة محفوفة بالمخاطر، تستنزف صحتنا ذهنياً وجسدياً، لنصل محملين بوعثاء السفر وكآبة المنظر. ويتكرر السيناريو المخيف بعد يومين. ونحن قافلون. وبعضنا على هذه الحال منذ أعوام عدة، حتى اختار البعض البقاء في الشقة، بعيداً عن لقاء ذويه، بدل تجشم عناء الطريق». «الطيران المدني» تقر تحويل المطار إلى «دولي» أنشئ مطار القيصومة منذ نحو 30 عاماً، ولا يسير سوى رحلتين يومياً إلى مطار الرياض، وتتسع الطائرة ل77 راكباً. وكذلك رحلتين في الأسبوع إلى مطار جدة، لخدمة راغبي العمرة. فيما تم الإعلان قبل أكثر من ستة أشهر عن تسيير رحلات إلى مصر، بعدما تم الاتفاق مع شركة طيران مصرية. وقام حينها مدير جوازات المنطقة الشرقية اللواء محمد الشلفان، بزيارة المطار رغبة في إنهاء الإجراءات، لتوفير الكوادر البشرية المتكاملة والأجهزة. وكشف مدير جوازات المنطقة الشرقية اللواء محمد الشلفان، أن إدارة الجوازات تعكف على إنهاء إجراءاتها لتوفير الكوادر البشرية المتكاملة والأجهزة، بعد إقرار هيئة الطيران المدني تحويل المطار المحلي في مركز القيصومة التابع لمحافظة حفر الباطن إلى مطار دولي، مشيراً إلى وجود آلية معينة لتلافي تأخر المسافرين داخل المنافذ البرية بالمنطقة الشرقية. وقال الشلفان في تصريح صحافي خلال زيارته محافظة حفر الباطن قبل عامين: «إن الإدارة تلقت خطاباً رسمياً من هيئة الطيران المدني، باعتماد أول رحلة طيران دولية إلى مصر، عبر شركة طيران مصرية، وستكون الاستعدادات وفق معايير حديثة شاملة كل ما يتعلق بالبصمة وإجراءات تطبيق صور النساء، وتسخير الإمكانات كافة لاستقبال أية رحلات مستقبلية أخرى، ليكون العمل في المطار ضمن منظومة متكاملة بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى». وأقرت هيئة الطيران المدني تحويل المطار المحلي في مركز القيصومة التابع لمحافظة حفر الباطن، إلى مطار دولي. بعدما تلقت الجوازات خطاباً رسمياً من هيئة الطيران المدني بذلك ليرفع سقف الطموحات بتحويل المطار لدولي أو إقليمي. فيما تردد أن شركة فرنسية ستتولى عملية التطوير والتحويل. إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث حتى الآن، لترتفع مطالب الأهالي بين الفينة والأخرى، سواء عبر رفع البرقيات، أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بإنشاء وسم في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، للمطالبة بتطوير المطار، وزيادة عدد رحلاته ووجهاتها.