كشفت ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما هذا الأسبوع، وسائل مراقبة «سرية جداً» إضافية تستخدمها وكالة الأمن القومي الأميركية (أن أس أي). وأعقب ذلك نشرها في منتصف الشهر الجاري تفاصيل عن آلاف المخالفات التي ارتكبها محللو الوكالة والإجراءات المتخذة لمنع تكرارها. لكن رفع السرية عن هذه الوثائق، رغم الترحيب به، يثير أسئلة أكثر مما يحلها. وصرح مارك رومولد محامي «مؤسسة الحدود الإلكترونية» المدافعة عن الحريات على الإنترنت، والتي رفعت أمام القضاء دعوى للمطالبة برفع السرية عن قرار سري أصدرته «أن أس إي» عام 2011، قبل أن ينشر المستشار السابق لدى الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن معلومات عن القرار: «أنا سعيد جداً بعدد الوثائق التي نشرتها الإدارة». والقرار الذي صدر في 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 في 85 صفحة، يصف طريقة التجسس على الألياف البصرية في الولاياتالمتحدة، ويأمر الحكومة بتعديلها لأنها تنتهك قوانين حماية المواطنين الواردة في الدستور. لكن رومولد استدرك: «توصلنا إلى تفهم أفضل، لكننا لم نحصل على معلومات كافية لتقويم افضل طريقة لإصلاح القانون»، علماً أن قاضياً كتب في ملاحظة بسيطة دونها أسفل الصفحة الرقم 14 من قرار تشرين الأول 2011، أن «أن اس إي قدمت ثلاث مرات معلومات خاطئة إلى محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية»، المكلفة المصادقة على طرق «أن أس إي» في رصد الاتصالات، وبينها برنامج «بريزم» على الإنترنت الذي كشفه سنودن. وقال جوزف لورنزو هال، الخبير في مركز «الديموقراطية والتكنولوجيا»: «حين اعتقدنا بأننا وصلنا إلى قعر الحفرة، أدركنا أن هناك شيئاً آخر، وان الأمر أعمق من ذلك، ويثير تلقائياً أسئلة لا نهاية لها». ووفى الرئيس اوباما بوعود كثيرة قطعها لالتزام الشفافية، إذ فتحت إدارته الأربعاء الماضي موقعاً مخصصاً لوثائق رفعت عنها السرية، كما كان اعلن في 9 الشهر الجاري. كما يوشك تشكيل لجنة مستقلة تكلف تقويم عمل «ان اس اي»، رغم قول صحف إنه «ينوي تعيين مقربين منه يعملون في مجال الاستخبارات». وقبل أسبوعين، نظمت الاستخبارات الأميركية مؤتمرين طويلين عبر الهاتف للرد على أسئلة صحافيين حول انتهاكات «ان اس اي». اما الرد على الانتقادات فيتطلب وفاء اوباما بتعهده إصلاح القوانين المصادق عليها بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، لتوضيح القيود المفروضة على الإفراط في المراقبة. وكرر اوباما في تصريح أدلى به لمحطة «سي ان ان» اول من امس، بأنه مستعد للعمل مع الكونغرس لتحديد طريقة تعزيز شفافية المراقبات القضائية». وتحدث عن تعيين «مدعٍ عام»، أي محام مقيّد بالسرية يستطيع انتقاد الحكومة في جلسات سرية تعقدها محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية. واستغرب خبراء لدى قراءة الوثائق التي رفعت عنها السرية، أن يعترف قاضي المحكمة نفسه بأنه «غير مؤهل تقنياً للتأكد مما تقوله ان اس اي». وقال السناتور الديموقراطي رون ويندن، عضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي تتحدث منذ سنوات عن تجاوزات «ان اس ايه»: «حققنا تقدماً هائلاً، وسنرى تغييرات إضافية في الخريف». لكن العراقيل التي تعوق إجراء إصلاح عميق ما زالت هائلة، بحسب السناتور الذي يعتبر عدو ادارة الاستخبارات. وقال ويندن: «يجب ان نهاجم ثقافة التضليل الإعلامي لدى كبار مسؤولي الاستخبارات».