صعّب مدرب المنتخب السعودي بيسيرو على لاعبيه أداء الواجبات التكتيكية، التي حاول رسمها لهم قبل مباراة البحرين، وكاد يدخل نفقاً مظلماً في مشواره التنافسي في الملحق الآسيوي، لو وفق مهاجمو منتخب البحرين في هز الشباك «الخضراء»، التي ذاد عنها ببسالة حارس المرمى وليد عبدالله، وتمكّن ببراعة من الإبقاء على الأمل لما قبل مباراة الإياب الأربعاء المقبل في مدينة الرياض، وتأتي أولى الصعاب التي واجهها لاعبو المنتخب السعودي، المنهجية التكتيكية «المعقدة»، التي فرضها بيسيرو عليهم، وجعلها ضمن مخططاته الفنية لمباراة البحرين، حينما اعتمد طريقة 4/3/1/2، هذه الطريقة التي «غيبت» جل لاعبي المنتخب، باستثناء وليد عبدالله، وأفقدتهم التركيز والتفاعل مع أجواء المباراة. بيسيرو وفلسفة ثلاثي «الارتكاز» إصرار بيسيرو على الزج بثلاثي في عمق الوسط السعودي، كلف المنتخب كثيراً في هذه المباراة، وذلك بتداخلات الأدوار ما بين حسين عبدالغني وسعود كريري واحمد عطيف، وأصبحت هذه التداخلات بمثابة «فوضى» في وسط الميدان، كانت لها انعكاسات سلبية على أداء بقية الخطوط، سواء على ظهيري الجنب عبدالله الزوري وعبدالله شهيل، أو على المهاجمين ياسر القحطاني ومالك معاذ، وخلفهما اللاعب «الحر» محمد نور، بالذات أن هذه المنطقة الحيوية في وسط الملعب تعتمد كثيراً على الانسجام والتناغم وقوة التركيز، وهذا ما افتقده اللاعب السعودي، بدءاً من المباريات الودية أمام عمان وماليزيا، واستمر معهم في مباراة البحرين أول من أمس، فعدم اتقان ثلاثي «الارتكاز» للواجبات الحديثة عليهم والمعقدة في الوقت ذاته، تسبب في غياب عدم اتقان الأدوار الدفاعية قبل الهجومية المساندة لعبدالله شهيل وعبدالله الزروي، وانتقل هذا الوضع الى تعطيل تحركات نور على أطراف الملعب، التي يتقنها ويجيد أدوار التوغل من خلالها، ويقوم بارسال الكرات الخطرة للمهاجمين كما يعمل في مباريات الاتحاد، كل هذه الصعوبات التي خلقها بيسيرو للاعبي المنتخب السعودي منحت لاعبي البحرين، الحرية المطلقة في التنقل في وسط الملعب وفي الأطراف منه من دون مقاومة تذكر إلا من اجتهادات فردية كتب لبعضها النجاح، وكاد البعض يجلب إشكالات للمنتخب في هذه المباراة وللمبارة المقبلة، فالجهة اليمنى للمنتخب السعودي أصبحت ممراً سهلاً للاعبي الطرف الأيسر للمنتخب البحريني فوزي عايش وسلمان عيسى، والجهة المقابلة عانت أيضاً من توغلات محمد حبيل وعبدالله عمر، وفشل بيسيرو في إيجاد حلول تكتيكية تعطل هذه القوة الهجومية للبحرينيين من أطراف الملعب. خطوط متباعدة ومفككة يبدو أن مدرب المنتخب السعودي بيسيرو لم يقرأ ما حدث في الشوط الأول من «تفكك» في صفوف المنتخب، بدءاً من الدفاع ومروراً بالوسط وانتهاء بالهجوم، لذلك كان أول تبديلاته يعتمد على تنشيط خط الهجوم، بالزج بناصر الشمراني (64) على حساب مالك معاذ، أما التبديلان الآخران فكانا لمحوري الارتكاز المركز الذي يعشقه بيسيرو كثيراً حينما استعان بتيسير الجاسم على حساب ياسر القحطاني، والاعتماد على عبداللطيف الغنام كبديل «للمصاب» أحمد عطيف، في الوقت الذي كان الجميع يتوقع أن «يتنازل» عن قناعته في الإبقاء على ثلاثي العمق في وسط الملعب، ويمنح لاعبيه حرية اللعب بطريقة 4/4/2 التي يجيدون التعامل معها، ويبدعون كثيراً في تطبيقها، ويبتكرون خلالها العديد من المفاجآت الهجومية. هجوم «خارج» الخدمة غياب التهديد الفعلي على حارس البحرين من مالك معاذ وياسر القحطاني له أسبابه العديدة، فخلاف الرقابة اللصيقة والمحكمة عليهم من السيد عدنان وحسين بابا قلبي الدفاع وأمامهم محمود جلال ومحمد سالمين محوري الارتكاز، إلا أن المساندة لمالك وياسر كانت ضئيلة جدا، باستثناء محمد نور، الذي ظل وحيداً وافتقد لمساندات ظهيري الجنب شهيل والزوري، اللذين كان لتواجدهما الهجومي لو حدث تخفيفاً عليه من الرقابة والزيادة العددية، فخلال الشوط الأول لم يتمكن أي من شهيل والزوري من إرسال أي كرة عرضية داخل منطقة الثمانية عشر في مؤشر لم يلتفت له بيسيرو للإسف، وحرم المنتخب السعودي من استخدام أحد أهم أسلحته في تواجد عبدالله شهيل، أو حسن معاذ، الظهيرين الأفضل أداء في الوقت الحالي، واللذين يجيدان الدور الدفاعي والهجومي بكل روعة، وبأخطاء قليلة، إذ غاب الدعم من أطراف الملعب، وتشديد الرقابة على نور، وغياب المباغتات الهجومية من أحمد عطيف كانت الضربة القاضية التي عطلت أي خطورة من المهاجمان مالك وياسر ووجب عليهم أن يستخدما المهارة الفردية والقوة في الأداء كي يصنعا الهجمات لنفسيهما. تركيز وليد «أنقذ» الموقف تحمل الحارس وليد عبدالله الهفوات العديدة التي كانت عليها خطوط المنتخب السعودي دفاعاً ووسطاً وهجوماً، وبفضل تركيزه العالي وتحديه مع نفسه استطاع أبطال الفرص الخطرة المحققة للتسجيل التي كانت تأتيه من أطراف وعمق الملعب، ووفق كثيراً في رد الفعل مع ثلاث كرات على وجه التحديد كانت على مقربة من شباكه، فإذا كان وليد عبدالله هو نجم المباراة الأوحد كما شاهد الجميع فهذا لهو الدليل القاطع أن صفوف المنتخب الثلاث كانت تعاني كثيراً طوال التسعين دقيقة نظير «الحرج» الكبير الذي وضعهم فيه بيسيرو من «فلسفته» التكتيكية المعقدة. الإحصاءات لمصلحة «الأحمر» حينما يتحدث المحللون والنقاد أن المنتخب البحريني «فرط» في الفوز فهم يعتمدون على إحصاءات هجومية تنصب لمصلحتهم حدثت فوق المستطيل الأخضر، فحينما يتحصل منتخب البحرين على 11 هجمة قريبة من مرمى وليد عبدالله ويتحصل على 17 ضربة زاوية ويسدد داخل المرمى 7 أو 8 مرات فهذا يعد مؤشراً يعطيه الأفضلية طوال التسعين دقيقة، ويفرض علينا نثر العديد من التساؤلات على بيسيرو لماذا «ورطت» لاعبيك بأسلوب وطريقة وتكتيك «فشل» خلال المباراتين الوديتين مع عمان وماليزيا؟