أجبرت الحكومة البريطانية صحيفة ال «غارديان» على إتلاف ملفات وهددت بمقاضاتها بعدما نشرت وثائق سرية تلقتها من المحلل الاستخباراتي الأميركي السابق إدوارد سنودن، وذلك كما أعلن مدير تحرير الصحيفة البريطانية الان راسبريدغر أمس. وأفاد راسبريدغر أنه تلقى اتصالاً من «مسؤول حكومي بارز أكد أنه ينقل له رأي رئيس الوزراء» ديفيد كامرون، ثم التقى مرتين المسؤول الذي «طلب إعادة أو إتلاف المواد التي نعمل عليها». وكانت الصحيفة بدأت بنشر التسريبات حول برامج مراقبة الاتصالات الواسعة النطاق التي تجريها وكالة الأمن القومي الأميركية ونظيرتها البريطانية، بعد تسلمها آلاف الوثائق السرية من سنودن. وأكد راسبريدغر في مقال نشرته ال «غارديان» أمس، أن السلطات قالت له: «لهوتم بما فيه الكفاية. الآن نريدكم أن تعيدوا المواد إلينا». وتابع: «جرت لاحقاً لقاءات مع أشخاص آخرين من وايتهول»، الحي الذي يضم مكاتب رئاسة الوزراء. وزاد أن «الطلب نفسه تكرر بتسليم المواد التي وفرها سنودن أو إتلافها». وأضاف أن أحدهم قال له: «أثرتم الجدل الذي تريدونه ولا حاجة لكتابة المزيد». وأضاف أن الحكومة هددت ببدء ملاحقة قضائية لاستعادة الملفات السرية إذا لم تتلفها الصحيفة بنفسها. وتابع مدير تحرير: «عندئذ حصل أمر هو من الأكثر غرابة في تاريخ الغارديان الطويل، إذ راقب خبيران من وكالة الاستخبارات البريطانية إتلاف الأقراص الصلبة في أقبية الجريدة للتأكد من عدم وجود نسخ قد يتم تسليمها إلى عملاء صينيين». ونُشرت مقالة راسبريدغر فيما كانت السلطات البريطانية تتعرض لموجة من الاحتجاج بعد توقيفها لتسع ساعات ديفيد ميراندا شريك الصحافي في ال «غارديان» غلين غرينوالد الذي عمل مع سنودن للكشف عن ملفات برامج المراقبة. وندد راسبريدغر بهذا التوقيف، محذراً من أنه «في فترة قد لا تكون طويلة سيصبح مستحيلاً للصحافيين الحصول على مصادر معلومات سرية». على صعيد آخر، طلبت الحكومة الأميركية أول من أمس، «السجن ستين عاماً على الأقل» للجندي برادلي مانينغ المسؤول عن تسريب نحو 700 ألف وثيقة سرية لموقع «ويكيليكس». وطلب المدعي العسكري جون مورو من القاضية دنيز ليند «توجيه رسالة إلى كل جندي يفكر في سرقة معلومات مصنفة»، الأمر الذي قام به مانينغ (25 سنة) بين شباط (فبراير) 2010 وأيلول (سبتمبر) 2011، طالباً أيضاً تغريمه مبلغ مئة ألف دولار. وقال المدعي: «علينا التأكد من أننا لن نشهد بعد اليوم مهزلة مماثلة»، مشدداً على الطابع «التدميري» لهذا التسريب، واصفاً مانينغ بأنه «خبير صمم على استغلال الثغر في نظام تشوبه عيوب». من جهة أخرى، ركز ديفيد كومبز محامي مانينغ قبيل تعليق الجلسة، على الجانب «الإنساني» لدى موكله، معتبراً أنه «شاب بالغ الذكاء، ساذج بالتأكيد لكنه حسن النية». وطلب المحامي عقوبة تتيح لموكله إمكان «العيش وربما إيجاد الحب والزواج وإنجاب أطفال ورؤية أطفاله يكبرون». إلى ذلك، أعلنت الولاياتالمتحدة أن إغلاق سفاراتها في عدد من الدول لم يكن بسبب تهديدات من الناطق باسم تنظيم «القاعدة»، آدم غادن، الملقب ب «عزام الأميركي». ونقلت شبكة (سي أن أن) الأميركية عن مصدر في الإدارة الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، قوله أمس، أن التسجيل المرئي الذي ظهر فيه الناطق الأميركي باسم «القاعدة»، ووجه خلاله الدعوات إلى مهاجمة السفارات الأميركية والغربية في الدول الإسلامية، «ليست له صلة مباشرة بقرار واشنطن» مطلع الشهر الجاري، بإغلاق عدد من سفاراتها وقنصلياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأشار المصدر إلى أنه «مع أن النوايا العامة لتنظيم القاعدة هي التي أملت علينا هذا القرار، إلاّ أن رسالة غادن ليست عاملاً مباشراً». وكان غادن، المعروف بلقب «عزام الأميركي»، ظهر في تسجيل مرئي جديد أول من أمس خصصه للشأن الليبي، أشاد خلاله بقتل السفير الأميركي، كريس ستيفنز، ودعا الأثرياء المسلمين إلى المساهمة مالياً لوضع مكافآت لمن يقتل سفراء الغرب في بلادهم، على غرار ما فعله تنظيم «القاعدة» في اليمن. وقال غادن، في رسالة مصورة نشرتها مواقع على صلة ب «القاعدة»، أن ستيفنز، الذي قتل في هجوم على مقر القنصلية الأميركية ببنغازي في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي، «لم يكن ممثلاً لمنظمة خيرية بل لإمبراطورية الشر أميركا»، مضيفاً أن واشنطن «أوفدته للتآمر على الليبيين وتدمير ليبيا وإخضاعها لأهواء دول الاستكبار». يذكر أن الولاياتالمتحدة أغلقت مطلع الشهر الجاري سفاراتها في 22 دولة تقع معظمها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد ورود معلومات حول إمكانية تعرضها لهجمات. وتضع الولاياتالمتحدة جائزة قدرها مليون دولار، لمن يقدم معلومات تؤدي إلى اعتقال غادن، الذي انضم منذ سنوات إلى «القاعدة»، وتحول إلى ناطق باسم التنظيم باللغتين الإنكليزية والعربية.