كلمة خادم الحرمين الشريفين عن ما يجري في مصر ليست بمستغربة، فهي تعبّر عن ضمير الأمة العربية والإسلامية، وتوضح في شكل مباشر موقف شعب المملكة وقيادتها لما تتعرض لها مصر من أزمة خطرة في تاريخها المعاصر، لقد عبر الملك عبدالله عن وقوف المملكة إلى جانب مصر حكومة وشعباً لما تتعرض له من مخططات مدمرة، قد تُدخل مصر في نفق مظلم وتصل إلى مرحلة الدولة الفاشلة الممزقة. كلمة خادم الحرمين الشريفين أتت في توقيت حساس في مسيرة الشعب المصري الذي تتكالب عليه قوى غربية لتدويل أزمته الداخلية، وهذا تطور خطر جداً، فالأزمة في مصر وصلت إلى مجلس الأمن، وقد تعاد مناقشتها مرة أخرى مع دعوات بعض الدول لاستخدام البند السابع كأجراء للتعاطي معها. والغرب في حقيقة الأمر أراد إشعال الأزمة الداخلية في مصر، فبعد إعادة الهدوء إلى ساحات الاعتصام التي أقامها أنصار الإخوان المسلمين، قام الغرب بالوقوف والمساندة مع هذه الجماعة وممارسة الضغوط على الحكومة المصرية، وهذا ما شجع حركة الإخوان المسلمين على محاولة جر البلاد في يوم الجمعة إلى فتنة بين أبناء الشعب المصري، وقد عبّر الملك عبدالله عن مخاطر الفتنة في مصر. موقف المملكة والذي عبر عنه قائدها سيحفظه التاريخ لها، وهذا ليس بمستغرب، وكلنا يتذكر موقف المملكة الداعم للشعب السوري بداية الثورة السورية والتي حذرت من دخول سورية في صراع مسلح جراء سياسة نظام بشار وعدم استماعه لصوت الحكمة والعقل الذي نادى به الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل عامين. الموقف يتكرر الآن في مصر، فجماعة الإخوان وبعد انكشافها وبطلان خطابها، تحاول إشعال البلاد وإحراقها بسبب فقدها للسلطة عندما خرجت الملايين من أبناء الشعب المصري مطالبة برحيلها، ولكن الجماعة تعرف أنها وصلت إلى حكم مصر في غفلة من الزمن وما تمثله مصر من قوة إقليمية في العالم العربي، لذا نحن أمام مشهد حي وواضح للحكم على هذه الجماعة، فهذه الجماعة تنادي بالديموقراطية والحرية ولكننا نشاهد أتباعها الآن وعلى شاشات التلفزة وهم يحرقون مصر ويحاولون جر البلاد إلى حرب أهلية، فما علاقة إحراق دور العبادة والكنائس بالأزمة الجارية في مصر؟ إنها لشق صف الشعب المصري الذي رفض حكم الإخوان، إضافة إلى أن مثل هذا السلوك من هذه الجماعة على الأقليات سيعجّل بتدخل دولي في مصر بحجة حمايتهم، فالإخوان لا تهمهم مصر واستقرارها إذا لم يعودا إلى سدة الحكم. شاهدنا أتباعهم يستغلون الأطفال والنساء في اعتصاماتهم في شكل مقزز. وأوصلتهم هذا الأزمة إلى حقيقة آيديولوجيتهم، فهم المسلمون وغيرهم كفار! وفي اعتقادي أن ما يقوم به الإخوان الآن في مصر من عنف وقتل رجال الأمن والجيش وإحراق المباني وأقسام الشرطة والمحافظات هو نهاية مرحلة مهمة في تاريخ هذه الجماعة المتدثرة بالدين الإسلامي، والتي أضرت بالإسلام والمسلمين في كل العالم. مصر في هذه المحلة الحرجة بحاجة إلى الأصدقاء الحقيقيين لإخراجها من أزمتها، والمملكة بما تمثله من ثقل إقليمي ودولي عبّرت - وكما هي دائماً - عن وقوفها إلى جانب الشعب المصري الشقيق بعيداً عن المكاسب الآنية، معبرة عن موقف أخلاقي أصيل إلى تجنيب مصر المخاطر التي قد تنزلق فيها، كما تسعى قوى الشر والتطرف، كما حدث في الجزائر والتي عاشت حرباً أهلية كانت نتيجتها مقتل أكثر من 200 ألف جزائري. والغريب أن بعض القوى الدولية، وعلى رأسها أميركا، تحذر المصريين من إعادة السيناريو الجزائري في مصر، وهذه القوى للأسف تدفع الوضع في مصر إلى تكرار التجربة الجزائرية. عبّرت جميع القوى السياسية المصرية عن شكرها وتقديرها لموقف المملكة والذي عبر عنه الملك عبدالله بكل صراحة ووضوح دلالة على عمق العلاقات السعودية - المصرية في وسط هذا التكالب الدولي والإقليمي ضد مصر. [email protected] @akalalakl