«الخطة باء لقنبلة إيران» عنوان مقال كتبه إسرائيليان من خبراء المؤسسة الأمنية، أي الإرهاب الإسرائيلي، ونشرته «نيويورك تايمز» هذا الشهر، والمقصود من العنوان أن لإيران خطة ثانية لإنتاج قنبلة نووية. المقال الإسرائيلي يبلغنا أن لدى إيران 240 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب حتى 19.5 في المئة (حدود التخصيب المدني) وهي بذلك لم تتجاوز «الخط الأحمر» الذي رسمته إسرائيل. غير أن المقال ينقل عن آخرين، فواحد زعم أنها تستطيع رفع التخصيب إلى 90 في المئة خلال خمسة أشهر ليصل إلى مستوى إنتاج قنبلة نووية، وآخر قال إنها تستطيع أن تصل إلى هذا المستوى في شهر. وبما أن شهرة الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني أنه معتدل، فقد سأل مقال أميركي ليكودي آخر «ما مدى اعتدال صواريخ إيران؟» ونقل عن ليكوديين مثل كاتبه، الذي كان رأيه أن إيران بالقنبلة النووية لن تصبح دولة عظمى إلا أنها تصنع أيضاً صواريخ بالستية، أي طويلة المدى أو عابرة للقارات، ما يجعلها خطراً على إسرائيل. إسرائيل دولة إرهابية تملك ترسانة نووية، وهي خطر على العالم كله، غير أن الإرهابي بنيامين نتانياهو يزعم أن روحاني ذئب في ثياب حمل، وهو وصف لا ينطبق على رئيس وزراء إسرائيل فهذا ذئب في ثياب ذئب، وعدو السلام والإنسانية ككل عضو في حكومته الفاشستية وجيش الاحتلال والقتلة من رجاله. نتانياهو الذي عاش يوماً وعمل في الولاياتالمتحدة يُستضَاف في برامج التلفزيون الأميركية ليحذر من خطر إيران. أي خطر هو؟ في ألف سنة لن تهدد إيرانالولاياتالمتحدة أو الدول النووية الكبرى، وتهديدها قد يقتصر على الجيران وهي تحتل جزراً للإمارات العربية المتحدة يجب أن تنسحب منها. إلا أن إيران لا تحتل بلداً بكامله ولا تقتل أهله وتدمر وتحاول إخلاء القدس من أهلها وتبني المستوطنات عشية دخولها مفاوضات سلام مزعومة يستحيل أن تنجح. خطر إيران في المنطقة محدود، وتستطيع مصر أو المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة أن ترد عليه ببدء برنامج نووي عسكري صراحة على أساس خوفها من ترسانة إسرائيل ومن ترسانة قادمة محتملة لإيران. ولا أزال آمل أن أسمع بدء برنامج نووي عسكري عربي، ولو كان في المغرب أو الجزائر، لنرى دول الشرق والغرب تسرع لتجريد الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. إرهاب إسرائيل يبرر الإرهاب المضاد ويُستخدم عذراً له، وترسانتها النووية تبرر أن تسعى أي دولة في المنطقة إلى سلاح مماثل، ويبقى أن تحزم الدول العربية القادرة أمرها. في غضون ذلك، أسمع مزاعم إسرائيل عن التخصيب إلى درجة إنتاج القنبلة وعن الصواريخ البعيدة المدى، وأقول إن شاء الله يكون هذا الكلام صحيحاً فيصدق مسؤول إسرائيلي للمرة الأولى في حياته. نتانياهو يزعم أن روحاني ليس معتدلاً، والميديا الليكودية الأميركية تزايد عليه وأقرأ «حكومة روحاني ليست معتدلة أيضاً»، كيف هذا؟ الكاتب اليهودي الأميركي الذي يؤيد إرهاب إسرائيل يستشهد بكاتب متطرف مثله، ثم يقول إن روحاني اختار لوزارة الدفاع حسين دهقان وله ماضٍ إرهابي. أسأل كيف مرة أخرى؟ الكاتب الليكودي يقول (حرفياً) إن دهقان «متهم بعلاقته بتفجير 1983 الذي قتل فيه 241 جندياً أميركياً في لبنان، بحسب كلام ضابط أمني إسرائيلي». والمسؤول هذا هو البريغادير جنرال المتقاعد شمعون شابيرا. وهكذا فكاتب ليكودي يستشهد بعسكري إسرائيلي عن إيران بدل أن يسأله عن عدد النساء والأطفال الفلسطينيين الذين قتلهم وهو يحتل بلادهم. عندي ألف شكوى على السياسة الإيرانية، إلا أن ليس بينها واحدة مما تشكو منه إسرائيل، بل أجد أن ما تشكو منه دولة الاحتلال والقتل إيجابيات إيرانية نادرة وسط سياسة غلافها ديني ولكن جوهرها طموحات فارسية قديمة يستحيل تحقيقها، فلا تفعل غير إذكاء الفرقة والخلافات بين المسلمين. الرئيس روحاني دعا إلى مفاوضات مع الولاياتالمتحدة على برنامج إيران النووي، وإدارة أوباما تفضل المفاوضات، فيما حكومة نتانياهو وأنصارها من ليكود أميركا يفضلون التحريض، وعندهم من أعضاء الكونغرس الذين اشتراهم اللوبي أعداد كافية لفرض عقوبات جديدة على إيران فيما هي والإدارة تسيران نحو مفاوضات لا أتوقع نجاحها لأن القرار بيد المرشد علي خامنئي وهو آخر من «يتهم» بالاعتدال. [email protected]