يعتبر العمل الصيفي في كندا جزءاً لا يتجزأ من السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تتلخص في استقطاب شريحة واسعة من الطلاب ودمجهم في سوق العمل. ويرى المسؤولون الكنديون أن فصل الصيف ليس وقتاً ضائعاً بل هو فرصة ثمينة للاستفادة من ايامه المعدودة لملء الشواغر الموقتة في مرافق الانتاج بسبب انقطاع آلاف العمال والموظفين عن اعمالهم اثناء العطلة السنوية. وتحويل تلك الفرصة الى عمل منتج يؤسس لدفع التربية من نطاقها التعليمي الى نمط استثماري يسوق للمهارات والكفاءات والخبرات ويساهم في نمو الاقتصاد والفرد على حد سواء. من هذه المنطلقات، تتقاسم العمل الصيفي في كندا شريحتان اجتماعيتان عريضتان. تتمثل الاولى بالشباب الجامعيين والمهنيين الذين يختلفون عمن هم دون الثامنة عشرة، بحقهم في العمل في مختلف القطاعات العامة والخاصة، وبمعدل لا يتجاوز 40 ساعة اسبوعياً، والمرتبات التي تفوق عادة الحد الادنى للاجور، والتصريح الالزامي بما يتقاضونه الى دوائر الضرائب، وإمكان الاحتفاظ بمواقعهم الوظيفية عاماً بعد عام بعد اكتسابهم خبرات مهنية وحيازتهم ثقة ارباب العمل. اما الفئة الثانية التي يمكن ان تستفيد من العمل الصيفي فيحددها القانون الكندي بالطلاب الذين تتدنى اعمارهم عن 18 سنة، وهم طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. اما من هم دون 14 سنة فيحظر تشغيلهم بشكل مطلق. وخلافاً للبالغين لا يحق لطلاب هذه الفئة ان يعملوا في مصالح الدولة الرسمية ولا يطلب منهم اي تصريح بالمبالغ المالية التي يجنونها، وألا تقل اجورهم عن الحد الادنى المعمول به. اما من هم بين 14 و15 سنة فينبغي ان يبلغوا مفتشية العمل وان يحصلوا على موافقة خطية من ذويهم كما ويحظر استخدامهم في الاعمال الصعبة القاسية والمتعبة او المنتجة للكحول او السجائر او في الملاهي او غيرها من الاعمال الليلية. ويجب في هذه الحالة الا يتعدى دوام العمل 7 ساعات في اليوم. ويترتب على من هم بين 15 و17 سنة ان يحصلوا على تفويض مكتوب وموقع من اهلهم وايداعه لدى رب العمل على الا يزيد دوامهم الاسبوعي عن 30 ساعة علماً ان ما يحصله الطالب الواحد خلال فصل الصيف يتراوح بين 500 و1000 دولار. وتأتي في مقدمة الاعمال مواسم القطاف على انواعها من الخضر والفاكهة، كالتفاح والفريز والتوت البري والخيار والبندورة والكوسا والباذنجان والفليلفة. وهذه الاعمال لا تتطلب اية مهارات فنية ولا خبرات سابقة. وهي الى ذلك مرغوبة ومسلية ومنتجة لسهولة القيام بها لمردوها المالي النقدي (حوالى 25 دولاراً في اليوم). اما الاعمال الاخرى فتجري غالباً في الاحياء السكنية وتلبي حاجات القاطنين فيها، كتنظيف المنازل والزجاج ودهن البيوت وتوزيع الصحف والترويج لبعض اصناف المأكولات والمشروبات وتفسيح الكلاب وغيرها من الاعمال كغسل السيارات ومراقبة المسابح العامة وغرس الزهور على جوانب الشوارع الرئيسية وتنظيف الحدائق العامة فضلاً عن الخدمات المختلفة في المخيمات الصيفية. وتشير احصاءات كندا الى ان العمل الصيفي يؤمن نحو 85 في المئة من فرص العمل ويغطي حوالى 20 في المئة من مجمل الانتاج الوطني في البلاد. وفي شهر حزيران (يونيو) الفائت وفر في عموم المقاطعات الكندية نحو 95 الف فرصة عمل وفي كيبك حوالى 7500، منها 53.7 في المئة بدوام كامل. ما ساهم في تدني نسبة البطالة الى ما دون 8 في المئة. مكاتب الارشاد والتوجيه وإضافة الى هذه الضمانات القانونية التي تحفظ حق القاصرين في العمل، تقوم عشرات المكاتب الحكومية المخصصة لتدريبهم وإرشادهم وتوجيهم وتزويدهم بكل المعلومات ذات الصلة بسوق العمل كتحضير السيرة الذاتية (CV) ومقابلة ارباب العمل وكيفية التعامل والتخاطب معهم. ويطلع الشباب والمراهقون في هذه المكاتب على كامل حقوقهم وواجباتهم لا سيما الاستفادة من فرص الراحة اليومية والاسبوعية والحؤول دون استغلالهم، كما ويجري تزويدهم بقائمة طويلة من الاعمال الصيفية التي تتناسب مع اعمارهم وقدراتهم الجسدية.