صدرت عن مؤسسة الإحصاءات «ستاتستيك كندا» دراسة هي الأولى من نوعها حول مستقبل التنوع الديموغرافي في المقاطعات الكندية الناطقة بالإنكليزية (الأنكلوفونية) والفرنسية (الفرنكوفونية)، حتى 2030، وبخاصة الأمور والمسائل المتّصلة ب «الأقليات المنظورة»، وهي تتمثل، بحسب القانون الكندي، في «الأشخاص الذين ليسوا من أصحاب البشرة البيضاء أو الذين لا يتحدّرون من سلالة البيض، باستثناء السكان الأصليين (الذين وجدوا في القارة قبل الأوروبين)». وجاء في الدراسة ان المنتمين إلى افراد «الأقليات المنظورة» سيحققون قفزة هائلة، بنسبة تصل الى 31 في المئة، تتضاعف بعد عشرين سنة لتشكل حوالى ثلث سكان كندا. وهذه الزيادة ناجمة، بحسب الدراسة، من «ارتفاع معدل الولادات في أوساط تلك الأقليات، من جهة، وهجرتها المتواصلة الى كندا، من جهة اخرى». وتلاحظ الدراسة ان التنامي المتسارع للأقليات المنظورة في كندا، يقتصر على المقاطعات والمدن الأنكلوفونية، في حين تحتفظ مثيلاتها الفرنكوفوية، بغالبية بيضاء الى حد كبير. ففي مدينة تورونتو، مثلاً، 2 من كل 3 أشخاص كنديين، سيكونون، بحلول 2030، في عداد الأقليات المنظورة التي ستشكل في فانكوفر أكثر من 59 في المئة من السكان، رُبعهم من الصينيين. اما مدينة مونتريال ذات الطابع الفرنكوفوني فستضم حوالى 31 في المئة من الأقليات المنظورة، وفي طليعتها العرب والسود، وفقاً للمحللة الإحصائية في «ستاتستيك كندا» لوران مارتل. وفي المقابل، سيتضاءل حضور تلك الأقليات في المدن الفرنكوفونية الكبرى، لا سيما كيبك وتْرُوا ريفيار، إلى معدل لا يتجاوز 5 في المئة للأولى و4 في المئة للثانية، مقارنة ب2 في المئة عما كانت عليه الحال في 2006. وستظل مدينة ساغنيه الوحيدة في كندا الأقل تمثيلاً (واحتواء) للأقليات المنظورة، بأقل من 2 في المئة، ما يعني أن هذه المدن الثلاث ستبقى الأقل تنوعاً من بين عموم المناطق الكندية، وستحافظ على «جلدها الأبيض»، pure laine (أي «الصوفة النقية»، وفقاً للتعبير الكيبكي). ومن حيث التوزيع الديني، تشير الدراسة الى ان تدفق الأقليات المنظورة خلال العقدين المقبلين سيغير «المعادلة الدينية» للشعب الكندي، فالمسيحيون الكاثوليك سيتناقص عددهم حوالى 10 في المئة، من 75 الى 65 في المئة من السكان، في حين ان عدد المسلمين سيقفز الى حدود ال35 في المئة، ليحتل الإسلام المرتبة الثانية في كندا. ومن جهة العمل في الوزرات والمصالح والدوائر الحكومية، ستبقى نسبة الأقليات المنظورة «غير منظورة» وستحافظ اجمالاً على ادنى مستوياتها في تلك القطاعات الرسمية، اي أن موظفاً عادياً واحداً من تلك الأقليات يقابله 17 قريناً كندياً، وموظفاً واحداً في منصب رفيع في مقابل 33 من الكنديين، وامرأة واحدة في مقابل 17 من الكنديات. ويعلق حقوقيون كنديون على دراسة «ستاتستيك كندا» بأن «الإصرارعلى تصنيف الأقليات المنظورة التي ستشكل يوماً غالبية الشعب الكندي بعد سنوات، أمر يثير السخرية ويتنافى مع ركائز الدولة الكندية التاريخية القائمة على التعدد والتنوع»، لافتين الى ان القانون الكندي الذي يضع حدوداً للحصول على وظائف في القطاع العام، بين مواطن وآخر على اساس اللون او التحدر من العرق الأبيض، أقل ما يقال فيه إنه «عنصري يتناقض مع تكافؤ الفرص وحقوق الإنسان والمواطن».