على رغم أن آخر رمضان عاشه العلامة محمد السبيل على الفراش الأبيض في العام 1433ه، إلا أنه يكون العام الوحيد الذي تغيب فيه عن أداء مناسك الصوم والإفطار في كنف المسجد الحرام منذ 44 عاماً أمضاها، إماماً، خطيباً، ومدرساً في المسجد الحرام. وقال أحد المقربين من العلامة السبيل ل«الحياة» إن ملازمته للحرم المكي في رمضان الذي كان لا يفارقه إلا للنوم في منزله، دفعت أفراد عائلته للإفطار معه في الحرم المكي طيلة أعوام عمله فيه متنقلاً بين ساحة الحرم المكي، ومكتبه في رئاسة شؤون الحرمين. وأوضح أن السبب الرئيس في ذلك يعود إلى رئاسته لشؤون الحرم المكي والمسجد النبوي، التي قضى فيها نحو 10 أعوام، قبل أن يترجل عنها في العام 1421ه، بعد أن أمضى 26 عاماً إماماً وخطيباً للحرم المكي، إذ جاء تعيينه إماماً للحرم المكي في عام 1385ه، شهد خلالها حادثة اقتحام الحرم المكي على أيدي جهيمان وأتباعه في عام 1400. محمد بن عبدالله بن محمد السبيل المولود في مدينة البكيرية التابعة لمنطقة القصيم قبل 89 عاماً، حفظ القرآن وعلومه، وأحسن تجويده وهو في ال 14 من عمره على يد والده، إضافة إلى سعدي ياسين، فيما أكمل بقية علومه الشرعية على يد أخيه عبدالعزيز السبيل، ومحمد المقبل وعبدالله بن حميد ليعمل مدرسًا في أول مدرسة أنشئت في البكيرية بين عامي 1367 و1373ه وأستاذاً في المعهد العلمي في بريدة منذ افتتاحه عام 1373ه ولمدة 12 عاماً. وعين السبيل عضواً في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى في عام 1397ه، إضافة إلى عبدالعزيز بن باز وصالح بن عثيمين، واستمر عضواً في المجمع الفقهي حتى العام الماضي ليكمل قرابة ال 37 عاماً فيه، بينما لم تقتصر فتاوى السبيل على مجمع الفقه الإسلامي ومشاركاته في برنامج «نور على الدرب» الذي شارك فيه بدعوة من عبدالعزيز بن باز في عام 1420 لسبعة أعوام فحسب، إنما كان عضواً في هيئة كبار العلماء السعودية لنحو 24 عاماً منذ عام 1413 و حتى عام 1427 ه. وطاف السبيل حوالى 50 دولة في رحلات دعوية منذ عام 1395 ه، إذ كانت غينيا هي المحطة الأولى لنحو 100 رحلة دعوية نشر من خلالها الدين الإسلامي، في 50 دولة، لتنتهي رحلته الدعوية في اليابان لتكون هي المحطة الأخيرة في عام 1424ه. وكان للسبيل الكثير من المؤلفات في الدين والعقيدة ومن أبرزها ديوان خطب المسجد الحرام، رسالة حد السرقة، والخط المشير إلى الحجر الأسود في صحن المطاف ومدى مشروعيته، إضافة إلى عدد من مؤلفاته في شرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي بلغت نحو 27 مؤلفاً من الكتب والرسائل العلمية. ولعل إصابة السبيل بالتهاب رئوي وضعف في عضلة القلب أدت إلى ملازمته الفراش الأبيض في منتصف عام 1433ه حتى وافته المنية في صفر من عام 1434ه.