وصل إلى القاهرة مساء أمس نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في زيارة قصيرة يلتقي خلالها المسؤولين المصريين، كما يتوقع أن يلتقي قيادات في جماعة «الإخوان المسلمين» التي استبقت الزيارة بدعوة واشنطن إلى مراجعة موقفها بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي اعتبر فيها أن الجيش «لم يقم بانقلاب عسكري، ولكنه استعاد الديموقراطية». ورأى نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، عصام العريان أن تصريحات كيري «تضر بالموقف الأميركي». وقال ل «الحياة» إن «الموقف الأميركي كان ملتبساً في البداية (في 2011) ثم أصبح صريحاً عندما اعتبر أن ما حصل ثورة، وهنا يثور السؤال عما يحدث الآن. أليست ثورة أيضاً؟»، في إشارة إلى اعتصام الآلاف من أنصار «الإخوان». وأضاف: «نرفض مواقفهم الأخيرة ونتعشم أن يراجعوها». وكان وزير الخارجية الأميركي أكد أن الجيش لم يقم بإنقلاب عسكري، ولكنه يقوم بالأحرى بمهمة استعادة الديموقراطية في مصر، مشيراً في تصريحات أدلى بها في إسلام أباد إلى أن «الملايين من أفراد الشعب المصري طلبوا من الجيش أن يتدخل بعدما شعروا بالخوف من احتمال أن تنزلق البلاد إلى دائرة العنف». وقال مسؤول في السفارة الأميركية في القاهرة ل «الحياة» إن بيرنز سيلتقي وزير الخارجية المصري نبيل فهمي صباح اليوم، ثم يلتقي الرئيس الموقت عدلي منصور ونائبه للعلاقات الدولية محمد البرادعي ورئيس الحكومة حازم الببلاوي ونائبه وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. لكنه لم يؤكد عقد لقاءات مع ممثلين عن «الإخوان». ولم يستبعد العريان أن يلتقي وفد من الجماعة نائب وزير الخارجية الأميركي. وقال ل «الحياة»: «سنحسم قرارانا خلال ساعات، لكن موقفنا هو لقاء الجميع». لكنه انتقد الاتحاد الأوروبي الذي رأى أنه «يحمل أجندة الانقلابيين في الفترة الأخيرة ومعه الأميركيون». وأضاف: «يجيئون لممارسة ضغوط غير أخلاقية على الإخوان للقبول بالأمر الواقع. لم يبق إلا القليل من الوقت ليقولوا إن الانقلاب تم برعايتنا». وعن الأفكار التي كان طرحها مبعوثو الاتحاد الأوروبي على أساس انخراط «الإخوان» في العملية السياسية الجديدة، قال العريان: «لا يوجد إنسان عاقل يذهب إلى صناديق الاقتراع مجدداً بعدما اعتدي عليها خمس مرات»، في إشارة إلى الاستحقاقات التي جرت منذ العام 2011. لن يستطيع أحد اقناع الشعب بأن يذهب إلى صناديق الاقتراع وهو رأى أن إرادته يتم دهسها». وشدد على أن «لا حل من دون عودة الشرعية والدستور». لكن مسؤولاً مصرياً مطلعاً على الزيارات أكد ل «الحياة» أن «الوفود الدولية التي تأتي إلى مصر تحمل رسالة واحدة هي نبذ العنف وضرورة فض الاعتصامات بسلمية... هم يخشون فقط من حمامات الدماء وهو ما نراعيه نحن كمصريين أيضاً. هذا قرار مصر وسيتخذ بحسب الموقف الأمني والوضع على الارض». وقال إن «الأوروبيين يسخرون مما يعرضه الإخوان عن عودة البرلمان والرئيس والدستور. الكل باتت لديه قناعة بأن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء». وسألت «الحياة» المصدر عن الموقف مما يتردد عن خروج آمن لقيادات «الإخوان» فاستبعد تلك الخطوة تماماً. وقال إن «غالبية قادة الإخوان ملاحقون قضائياً، كما أن استمرار الجماعة بشكلها الحالي بات مشكوكاً فيه، ولا يمكن أن نتحدث أو نتفاوض في شأن رفع يد العدالة عن أشخاص ارتكبوا جرائم، بل على العكس فعلى من يتحدث عن خروج آمن أن يطالب قادة الإخوان بتسليم أنفسهم للعدالة». والتقى أمس وزير الدفاع وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله والوفد المرافق له الذي يزور مصر حالياً، وأوضح بيان عسكري مقتضب أن اللقاء «تناول تبادل الآراء حول المتغيرات الداخلية على الساحة المصرية وتأثيرها على خريطة الطريق للتحول الديموقراطي». وأشار إلى أن الجانبين «اتفقا على أهمية نبذ العنف لتحقيق الاستقرار والمصالحة في إطار من التوافق الوطني». وعقب ذلك اجتمع الوزير الألماني برئيس حزب «مصر القوية» الإسلامي عبدالمنعم أبو الفتوح. وأوضح الحزب في بيان أن «الوزير أعرب عن قلقه البالغ من تطورات الأوضاع في مصر وعن حرص الجانب الألماني على الاستماع لوجهة نظر الحزب في شأن كيفية الخروج من الأزمة الحالية». وأضاف أن «وجهتي نظر الطرفين التقيتا على ضرورة الدفع نحو العودة إلى المسار المدني الديموقراطي كحل أمثل للخروج من تلك الأزمة». وتدخل أمس شيخ الأزهر أحمد الطيب مؤكداً رفضه استخدام العنف أو التحريض عليه بديلاً من الحلول السياسية والحوار. وشدد على «مسؤولية الدولة وكل الأطراف السياسية في وجوب الحيلولة دون وقوع العنف بأي ثمن والحفاظ على سلامة المواطنين كافة أياً كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم». ودعا في بيان إلى «ضرورة الاستجابة العاجلة للحوار الجاد كونه السبيل الوحيد لحل الأزمة الراهنة». وقال إن «الحوار العاجل والجاد وحده هو المخرج الوحيد من الوضع الراهن، وهو السبيل لبناء الثقة من جديد بين كل أطياف الشعب المصري الأصيل، ويجب على الجميع الاستجابة الفورية للحوار، فالتاريخ لن يرحم متخاذلاً أو معانداً على حساب الأوطان والشعوب».