سعى مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز إلى نفي الاتهامات لبلاده بدعم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، مؤكداً في أول زيارة لمسؤول أميركي إلى القاهرة منذ عزل الرئيس محمد مرسي أن الولاياتالمتحدة «لن تحاول فرض نموذجها على مصر ولن تدعم أطرافاً أو شخصيات بعينها». وتزامنت زيارة بيرنز مع دخول مشاورات تشكيل الحكومة طورها النهائي، إذ يتوقع أن تؤدي اليمين القانونية مساء اليوم أو صباح الغد. وتظاهر عشرات الآلاف من أنصار مرسي في القاهرة للمطالبة بعودته إلى السلطة، وأعلنوا التوجه في مسيرات إلى دار الحرس الجمهوري ومقر جهاز الأمن الوطني ومشيخة الأزهر في وقت متقدم من مساء أمس. لكن الجيش استبق تظاهراتهم ببيان قال فيه إنه سيرد «بمنتهى الشدة والحزم والقوة» إذا حاول المحتجون الاقتراب من المنشآت العسكرية أو الحيوية. وفي حين أصدر النائب العام أمس قرارات اعتقال جديدة لقيادات في «الإخوان» بتهمة التحريض على العنف، غداة مقتل 3 عمال وجرح 15 في سيناء بقذيفة أصابت حافلة كانت تقلهم في سيناء، دعا بيرنز الجيش إلى تجنب الاعتقالات لدوافع سياسية. وتساءل: «إذا كان ممثلو بعض أكبر الأحزاب في مصر محتجزون أو تم إقصاؤهم فكيف سيكون الحوار والمشاركة ممكنين؟». وأضاف المسؤول الأميركي، في مؤتمر صحافي بعد لقاءات عقدها مع الرئيس الموقت عدلي منصور ورئيس الحكومة المكلف حازم الببلاوي ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، إن واشنطن «تأمل بالخروج إلى حكومة ديموقراطية جديدة من دون إقصاء لأي حزب أو أي طرف». وشدد على ضرورة «الخروج بدستور جيد يرضي جميع الأطراف، باعتبار أن المشاركة هي الأساس في أي تحول ديموقراطي». وشدد على «ضرورة أن يلتزم جميع المعارضين بالسلمية في مبادرتهم، وهناك فرصة أخرى لمصر لتكون دولة ديموقراطية توفر العدالة الاجتماعية لمواطنيها». ودعا المصريين إلى «الاتحاد لوقف أعمال العنف التي اتسمت بها الفترة الأخيرة»، لكنه استبعد نشوب حرب أهلية وتكرار مأساة سورية في مصر. وألغت الرئاسة مؤتمراً صحافياً كان مقرراً عقب لقاء بيرنز ومنصور، فيما قالت وزارة الدفاع في بيان مقتضب إن لقاء السيسي وبيرنز تناول «مناقشة تطورات الأوضاع على الساحة المصرية وتبادل وجهات النظر في شأن المستجدات في المشهد السياسي المصري وعدد من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل تدعيم أوجه التعاون في ضوء العلاقات المتميزة التي تربط الدولتين». وقاطعت قوى سياسية زيارة المسؤول الأميركي الذي التقى مساء أمس رجال أعمال ومجموعة من الناشطين والشخصيات السياسية قبل أن يغادر القاهرة صباح اليوم. وقال الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار إن الحزب اعتذر عن عدم لقاء بيرنز، وهو ما فعله الناطق باسم حركة «تمرد» محمود بدر والقيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» عمرو حمزاوي الذي أكد ل «الحياة» اعتذاره بصفته الشخصية عن عدم حضور اللقاء «احتجاجاً على السياسة الأميركية تجاه مصر». وقال ل «الحياة» نائب رئيس حزب «المؤتمر» وزير الخارجية السابق محمد العرابي إن زيارة بيرنز «استكشافية ولا ننتظر منها تغييراً عميقاً في النظرة الأميركية تجاه ما حدث في مصر». وأضاف: «قد يحمل (بيرنز) بعض التطمينات للإدارة عندما يستمع من المسؤوليين المصريين عن خريطة المستقبل وتعهداتهم الإسراع في إجراء انتخابات ديموقراطية، إضافة إلى قدرة الحكم الجديد على استيعاب الموقف وأبطال مفعول أي عنف قد يحدث، لكن يجب ألا نتوقع أن يعلنوا مباركة الثورة، هم حتى الآن غير مستوعبين كيفية إزاحة رئيس منتخب». ميدانياً، تظاهر عشرات آلاف من أنصار الرئيس المعزول أمام مسجد رابعة العدوية في حي مدينة نصر وفي ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة وفي محافظات عدة في فعاليات تحت شعار «الصمود» لإعلان رفضهم «الانقلاب العسكري» وللمطالبة ب «عودة الرئيس مرسي» إلى السلطة. وقال «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الداعم لمرسي في بيان إن تظاهرات «الصمود ضد الانقلاب الدموي تأتي في ذكرى مرور أسبوع على مجزرة الساجدين»، في إشارة إلى الاشتباكات بين أنصار مرسي وقوات في الجيش راح ضحيتها عشرات القتلى، لافتاً إلى أن هدفها «التأكيد على رفض الانقلاب الدموي وكل ما ترتب عليه». إلى ذلك، توقع وزير التخطيط المكلف أشرف العربي إرجاء جولة جديدة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي «نظراً إلى الاستحقاقات السياسية والاجتماعية للمرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر». وقال إن «الوقت لا يسمح بإجراء جولة جديدة من المفاوضات أو توقيع اتفاق مع الصندوق، لما يقترن بذلك من تنفيذ إجراءات وسياسات لا تصلح للمرحلة الحالية». وأشار إلى أن الدعم الذي قدمته دول خليجية خلال الأيام الماضية لمصر «يغنيها إلى حين الانتهاء من المرحة الانتقالية»، في إشارة إلى وعود بمساعدات قيمتها 12 بليون دولار قدمتها السعودية والإمارات والكويت الأسبوع الماضي. وتوقع العربي زيادة احتياط النقد الأجنبي خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً أن «المجموعة الاقتصادية ستضع خطة عمل سريعة لوضع خريطة طريق اقتصادية تهدف إلى تقديم حزمة من الخدمات لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين خلال المرحلة الانتقالية».