على رغم أن مدير شرطة الأحساء الأسبق سالم شوقي، غادر منصبه قبل زهاء نصف قرن، إلا أنه ترك أثراً كبيراً في نفوس سكان محافظة الأحساء، حتى أنه تمت تسمية «شارع المدير» باسمه، بعد أن سكن في هذا الشارع لسنوات عدة. وامتدت شهرة هذا الشارع بين القرى والهجر والمدن، لوجود عدد من المحال التجارية التي تمارس صناعة الملابس والبشوت، وتصليح المسجلات وأجهزة الراديو، وبيع الآلات الموسيقية وتسجيل الأسطوانات لعدد من الفنانين من داخل الأحساء وخارجها. ويقع شارع المدير في حي الرفعة في مدينة الهفوف، ويمتد طوله لنحو كيلومتر ونصف الكيلو، ويحده سوق القيصرية غرباً، ممتداً حتى سوق الخميس في ذلك الوقت، وكان موقعه «مميزاً للغاية». «الحياة» زارت الشارع الذي لم يتبقَ منه سوى عدد قليل من كبار السن الذين لا يزالون يمارسون تصليح أجهزة المذياع والمسجلات منذ نحو نصف قرن، رافضين وجود عمال أجانب في محالهم على رغم الإغراءات. ويقضي الحرفيون السعوديون في الشارع أوقاتاً «ممتعة» يمارسون مهنهم المحببة لهم. ويقول عيسى يوسف الخترش: «بدأت العمل في هذا المحل الصغير حينما كان عمري 18 سنة، ولا زلت إلى اليوم، أي ما يقارب 45 سنة، والحمد لله على نعمة الصحة والعافية». ويتذكر الخترش، هذا الشارع قبل 50 سنة «إذ كان ترابياً وكانت سيارة البلدية تقوم برشّه بعد صلاة العصر حتى لا تتطاير الأتربة والغبار في الموقع». كما يتذكر مدير الشرطة السابق سالم شوقي، الذي «كان يسكن هنا، لذلك سُمي الشارع باسمه، وكان جميع من يعمل هنا سعوديين، وليس هناك مكان للوافد بيننا، ونقوم بإصلاح الراديو في ذلك الوقت بريالين أو ثلاثة ريالات فقط، وكان سعر الراديو 100 ريال ويصل إلى 150 ريالاً. وكان أهالي الأحساء يحرصون على اقتناء الراديو في المنزل، لسماع الأخبار والبرامج». ويعدد الخترش، زملاءه الذين كانوا في الشارع، ومنهم من انتقل إلى رحمة الله، ومنهم من لا زال على قيد الحياة، مثل: عبدالله بن ليلي، وحمود الحمود، وحبيب الغزال، ومحمد الشافعي من أهل الرياض. كما يتذكر موقفاً «جميلاً وطريفاً» في الوقت ذاته، إذ «كان هناك شخص اسمه سليم اللهيب، قام ببث إذاعة من محله على تردد الإذاعة، واستمر في البث لأشهر، وكانت تعمل من بعد الظهر، وكان اللهيب، يقوم بتشغيل أسطوانات من محله ويتم بث تلك الأغاني الشعبية، ولكن تم إيقاف تلك الإذاعة من قبل الشرطة. وتوفى صاحبها «يرحمه الله»، مضيفاً «كانت هناك عقول لديها الخبرة العالية في الإبداع». واشتهر شارع المدير بتسجيل الأسطوانات للفنانين، ومنهم عيسى بن علي الأحسائي، وطاهر الأحسائي، ومطلق دخيل، وعيد بوسيف. فيما قال أحمد صالح بوخمسين، وهو من أقدم السعوديين في شارع المدير، وهو يتنهد: «كان هذا الشارع شعلة نشاط قبل 50 سنة. وكنّا هنا مثل الأسرة الواحدة، ومنذ كان عمري 13 سنة، وأنا أعمل في إصلاح أجهزة الراديو والمسجلات والأسطوانات، وغيرها من الأجهزة، وأكتسبتُ ذلك بالخبرة». وأضاف بوخمسين، «بدأت العمل في عهد الملك عبدالعزيز «يرحمه الله»، وحتى وقتنا هذا عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكنا نتقاضى ريالاً فضة قيمة إصلاح الراديو، وكان الإقبال على اقتناء المذياع كبيراً جداً، وبخاصة من كبار القوم والموظفين وميسوري الحال، وكان سعره لا يتجاوز 50 ريالاً في ذلك الوقت».