شدد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله على ضرورة «الوصول إلى حلول سلمية» للأزمة في مصر، داعياً إلى «الإحجام عن العنف حتى تكون هناك بداية جديدة ديموقراطية مع إجراء انتخابات يمكن ان تشارك فيها كل القوى السياسية». وحذر من «العدالة الانتقائية» في التعامل مع قيادات «الإخوان المسلمين». وفي حين تحاشى فيسترفيله تصنيف عزل الرئيس السابق محمد مرسي على أنه انقلاب قائلاً ان «هذه هي اللحظات الاولى لساعة تاريخية... ولا يمكن الحكم في شكل قاطع على حركة ما زالت مستمرة»، رد عليه نائب الرئيس للعلاقات الخارجية محمد البرادعي قائلاً ان «ما حدث في مصر كان ثورة شعبية لأن نزول الملايين للتظاهر ضد رئيس الدولة في أي نظام ديموقراطي هو أمر كفيل بإحداث التغيير المطلوب، وبدفع الرئيس إلى الخروج من المشهد... تخطينا مرحلة النقاش في هذا الموضوع». والتقى الوزير الألماني في القاهرة أمس الرئيس الموقت عدلي منصور ونائبه البرادعي ووزير الخارجية نبيل فهمي. وأشار في مؤتمر صحافي مع الأخير، إلى أن «ألمانيا تتابع الموقف عن كثب وستقيس التطور في مصر على مدى التطور في العملية الدستورية وما يتبع ذلك من انتخابات لممثلي الشعب». ورداً على سؤال عن اعتبار بلاده في أول رد فعل لها عزل مرسي «انتكاسة شديدة للديموقراطية»، أوضح إن «الدقائق الأولى من أي تطور تاريخي دائماً ما تكون غير كافية كي نلم بمجمل التطور وحتى تتضح الصورة الإجمالية لما يحدث، وليس في مقدور أي أحد أن يفعل ذلك». وقال: «كما سمعت من وزير الخارجية المصري، فإن خريطة الطريق والعملية الدستورية سيتم إشراك الجميع فيها من دون إقصاء وهذا يساعد في تشكيل الصورة الكلية التي يمكن من خلالها أن نحكم على الأوضاع». لكنه أكد أن موقف بلاده مما يحدث في مصر «لا يختلف عن موقف الاتحاد الأوروبي بل متوائم معه، ومع أهم شركاء ألمانيا وهي الولاياتالمتحدة». وبدا فيسترفيله مصدوماً من سؤال يشبه مرسي بهتلر وأشار إلى لقائه أول من أمس بممثلي حركة «تمرد» الذين ذكروا له أن هتلر جاء بانتخابات ثم تحول ديكتاتوراً. وقال إن «هذا أسوأ فصل في التاريخ الألماني. هتلر ارتكب جرائم بشعة في حق الإنسانية وخاض حرباً جرّت الويلات على أمم كثيرة من العالم وجرى في إطارها قتل 6 ملايين يهودي بسبب الدين. نحن على قناعة بأن تشبيه هتلر بما حدث في مصر هو تهوين شديد من الجرائم التي ارتكبها هتلر». وعما إذا كانت بلاده ستطالب مصر بالإفراج عن مرسي، قال: «ليس هناك سبيل لحل المشاكل سوى المدخل السلمي في ظل سيادة القانون ومراعاة حقوق الإنسان. ألمانيا والاتحاد الأوروبي وأميركا طالبوا بأن تزور جهة محايدة مرسي في محبسه، وهو ما جرى في زيارة الممثلة العليا للشؤون السياسية والأمنية في الاتحاد كاثرين آشتون». وشدد على «ضرورة السعي إلى بناء جسور وتشجيع كل القوى على الانخراط في محاولة البحث عن حل سلمي». وأكد أن بلاده «تراهن على العملية السلمية والحوار وبداية جديدة يشارك فيها الجميع من أجل مستقبل مصر». وتابع: «يمكننا فقط أن نسدي النصيحة لكن قرار مستقبل مصر لن يحدده سوى مصر». ورأى أن «التوصل إلى مستقبل طيب وسلمي يتطلب إشراك القوى كافة في المجتمع المصري وإدماجها في العملية السياسية وألا يكون أي نوع من العدالة الانتقائية». وسئل فهمي عن هذا الطرح، فرد قائلاً: «لا يوجد شيء يسمى بالعدالة الانتقائية أو الانتقامية. القانون يجب أن يطبق بنصوصه على الجميع على حد سواء. وهناك قرار الإفراج عن بعض المعتقلين في الأحداث الأخيرة في ميدان رابعة العدوية لعدم ثبوت أدلة قاطعة ضدهم. لكن من يدعو إلى العنف ومن شارك فيه فهو بلا شك سيقع تحت طائلة القانون». وأكد أن «مصر ملتزمة تماماً وبدقة بتنفيذ خريطة الطريق المتفق عليها والتي تشمل ولا تزال مفتوحة لجميع أطياف المجتمع المصري للمشاركة فيها. من ينبذ العنف سيجد الباب مفتوحاً وسيتم الافراج عمن لم يشارك أو يحض على العنف». وعن وجود خلافات بين البلدين، دعا الوزير المصري إلى «عدم وضع كل شيء في إطار المواجهة أو الخلافات»، مشيراً إلى أنه ناقش ونظيره الألماني خلال اجتماعهما «العديد من قضايا التعاون المشترك». ورد فيسترفيله قائلاً انهما أجريا «حواراً صريحاً وبناء للغاية في شأن وضع المؤسسات الألمانية العاملة في مصر وموضوع مياه النيل ودول حوض النيل ومشاريع التعاون المصري - الألماني». وأشار إلى أن «الأموال التي رصدت لمشاريع التعاون لمصر خلال العام 2013 ستستمر، خصوصاً في مجالات التعليم والبحث العلمي ودعم المجتمع المدني. لكن مستقبل التعاون سيتوقف في شكل كبير على حجم التطورات في مصر». أما البرادعي فشدد على ضرورة «بذل الجهود كافة لحل الأزمة الحالية بعيداً من إراقة الدماء، وحفاظاً على أرواح المواطنين وأمنهم بمختلف انتماءاتهم»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «من حق الدولة الدفاع عن المواطنين إزاء أي ترويع أو تهديد يتعرض له أمنهم». من جهة أخرى، التقى رئيس الوزراء حازم الببلاوي أمس وفد الاتحاد الافريقي الذي يزور القاهرة حالياً برئاسة الرئيس المالي السابق ألفا عمر كوناري ويضم رئيس بتسوانا السابق فستوس موغاي ورئيس وزراء جيبوتي السابق دلينا عمر دالينا. والتقى الوفد القيادي في «جبهة الإنقاذ» عمرو موسى لمناقشة وضع علاقة مصر مع دول الاتحاد. وقال كوناري إن الوفد موجود في مصر حتى الاثنين المقبل «للاتصال بالجهات التي تريد التعبير عن آرائها في الوضع الحالي، فضلاً عن عزمنا الاجتماع بالأحزاب المصرية ذات التوجه الديني بمختلف أطيافها للاستماع إلى اقتراحاتها وتقديم تقرير شامل عن نتائج الزيارة لمجلس السلم والأمن الافريقي». وشدد موسى للوفد على أن «ما حدث هو ثورة شعبية شاملة نتيجة سوء إدارة الإخوان ومرسي وفشلهم في حكم البلاد، وهو ما جعل الشعب يطالب بتعديل المسار». وأكد أن «خريطة الطريق تعبر عن مطالب المصريين ومحددة بجدول زمني، والخلاف القائم سياسي».