صعّد الحكم الموقت في مصر من اجراءاته في مواجهة جماعة «الإخوان المسلمين» إذ أحالت النيابة المصرية أمس المرشد العام ل»الإخوان» محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد البيومي على محكمة الجنايات بتهمة «قتل المتظاهرين»، في أول إجراء من نوعه منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وهو ما ينفي إمكان إبرام اتفاق يضمن عدم ملاحقة قادة «الإخوان». وفي غضون ذلك، يكثف المبعوثون الدوليون من زيارتهم لمصر، حيث وصل إلى القاهرة مساء أمس وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، في أول زيارة يقوم بها وزير خارجية غربي للبلاد عقب عزل مرسى، وذلك بالتزامن مع وصول مبعوث الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط برناردينو ليون، كما ينتظر أن يزور القاهرة الأسبوع المقبل عضوا مجلس الشيوخ الأميركي السناتوران جون ماكين وليندسي غراهام، بطلب من الرئيس باراك أوباما، إضافة الى زيارة وفد لجنة حكماء إفريقيا برئاسة ألفا عمر كوناري. واستبق فيسترفيله زيارته التي تتضمن محادثات مع مسؤولين في الحكومة الانتقالية وممثلين من المعارضة، بتصريح قال فيه: «إننا نحتاج الآن إلى بداية سياسية جديدة تجمع القوى المختلفة مجدداً على طاولة واحدة. هذا هو الشيء الوحيد الذي يحالفه النجاح»، مطالباً في الوقت نفسه القوى السياسية بنبذ العنف. ورفضت الرئاسة المصرية طلباً تقدم به الوزير الألماني للقاء الرئيس المعزول، وقال بيان رئاسي: «تلقينا طلباً من وزير خارجية ألمانيا بزيارة مرسي، وأبلغت الرئاسة وزارة الخارجية الألمانية بأن الرئيس السابق قيد التحقيق القانوني وأنه يواجه اتهامات مُتعددة، والأمر منظور أمام القضاء». وذكرت الرئاسة أنه سبق للسلطات المصرية أن استجابت لدوائر حقوقية مصرية وعربية وأوروبية وإفريقية بزيارته، غير أنه رفض استقبال ممثلي حقوق الإنسان (السيد ناصر أمين، والسيد محمد فائق) فيما استقبل السيدة كاثرين آشتون الممثلة العليا للشؤون السياسية والأمنية بالاتحاد الأوروبي والوفد الإفريقي، وأبدى جميع من التقوا الرئيس السابق دعمهم للمرحلة الانتقالية في مصر وخارطة الطريق وتأييدهم للرئيس المدني والحكومة المدنية في البلاد، كما أكدوا إدانتهم للأعمال الإرهابية في سيناء وخارجها واستنكارهم لأعمال العنف وشل حركة الحياة كطريق للتفاوض. وومن المفترض ان يكون برناردينو ليون قد التقى فور وصوله لمصر امس مع نائب رئيس الجمهورية الدكتور محمد البرادعي، في إطار تواصل تحرك الاتحاد الأوروبي لدعم الجهود المصرية الهادفة لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية، حيث يهدف اللقاء إلى بحث التصورات التي يمكن أن تسهم في حل الأزمة الحالية في إطار وطني يحقق تطلعات الشعب المصري ومطالب الثورة بتغيير حقيقي يضع البلاد على مسار الديموقراطية التعددية، التي تتسع لكافة أبنائها في إطار سيادة القانون، وفي مقدم تلك المطالب وقف العنف ووقف ترويع المواطنين. من جانبه صرح أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس عدلي منصور بأن الرئيس تلقى اتصالاً هاتفياً مساء أول من أمس من أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون، تناول فيه معالم المرحلة الانتقالية ومسار المصالحة الوطنية، والجدول الزمني لخارطة الطريق. وكان وفد لجنة الحكماء الأفارقة الذي يزور مصر التقى الرئيس المعزول في مقر احتجازه، حيث أوضح عضو اللجنة أن مرسي تحدث معهم خلال لقائهم، وقال إنه يشعر بالظلم بعد الإطاحة به وإنه ليس على اتصال مع أحد. وأشار موجاي إن الوفد أكد لمرسي أنه «كزعيم عليه أن يسهم في تحقيق السلام ومنع العنف وإنهم يدعمون فتح حوار مع كل الأطراف للتوصل إلى حل سلمي، فرد عليهم مرسي، إنه لا يمكن له فعل أي شيء في الوضع الحالي لأنه لا يتصل بكثير من أتباعه وليس على تواصل مع الإعلام». وأضاف أن «الوفد ضغط عليه (مرسي) أن يفعل ما في وسعه لإقناعهم (الساسة) بتحقيق السلام في البلاد». ويأتي لقاء الوفد الإفريقي بمرسي بعد يوم من زيارة أشتون للرئيس المعزول. من جانبه قال رئيس الوفد الإفريقي، ألفا عمر كوناري، إن الوفد سمع ما يكفي لوصف أحداث 30 حزيران (يونيو) بأنه ثورة شعبية وليس انقلاباً عسكرياً، معتبراً أن تدخل الجيش ليس للوصول إلى السلطة وإنما لمنع اندلاع حرب أهلية. وكان وفد من لجنة حكماء إفريقيا الذي وصل إلى القاهرة أول من أمس بحث مع المسؤولين المصريين قرار تعليق عضوية مصر بالاتحاد الإفريقي. وأكد كوناري أن قرار تعليق أنشطة مصر في الاتحاد الإفريقي لا يعتبر إجراء عقابياً وإنما يعتبر إجراء تحفظياً لمساعدة مفوضية الاتحاد الإفريقي للحصول على المعلومات وفتح حوار، وشدد على أن قرار تعليق عضوية مصر بالاتحاد «ليس معناه أنه ضد مصر، وإنما هو تماشياً مع القرار الذي اتخذه الاتحاد العام 2000، والذي دعمته مصر لأن إفريقيا كانت تعاني من وباء الانقلابات العسكرية وهو ما تطلب وضع نهاية لهذا الوباء». وأشار كوناري إلى مساعي الاتحاد إرسال وفد قبل 30 حزيران للتعرف على الأوضاع في مصر، وقال إنه «لو تم السماح له بالقدوم في هذا الوقت لكان قراره جاء ليتماشى مع الأحداث الجارية»، واضاف إن الوفد سيأخذ وقته، وسيزور مصر عدة مرات قبل اتخاذ القرار النهائي، مؤكداً أنه لمس في مصر الاهتمام بالتعددية رغم الاختلافات السياسية والدينية ورفض العنف والحاجة إلى احترام الحريات، وحذر من أنه إذا «لم تحدث مصالحة فإن البلاد ستتجه نحو الحرب الأهلية ودعم المصالحة الشاملة من دون إقصاء». الى ذلك، صرح وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أن زيارة آشتون للرئيس المعزول لا تعد تدخلاً في الشأن الداخلي المصري، مطالباً بعدم أخذ هذه الزيارات خارج إطارها الطبيعي. وتابع: «لا شك في ظل وجود رئيس سابق تتم معه بعض التحقيقات حول قضايا مقدمة ضده ويحقق فيها القضاء أن تكون هناك تساؤلات من البعض حول من يجب أن يزوره ومن لا يجب أن يزوره»، مشيراً الى أن اول مجموعة ذهبت لزيارة الرئيس السابق كانت مجموعة حقوقية مصرية، فيما حضرت آشتون لمصر وطلبت لقاء الرئيس السابق لتستمع منه وتنقل له رؤية الاتحاد الأوروبي حول ما حدث في البلاد وما يجب أن يحدث حتى تستقر الأمور. ولفت فهمي إلى أن وفد الاتحاد الإفريقي قام أيضاً بزيارة الرئيس المعزول خلال نفس المنطق، وقال: «نحن لا نعتبر هذا أيضاً تدخلاً بحيث لو تمت الموافقة على زيارة وفد أجنبي قبل زيارة الوفد المصري لكان من الممكن اعتبار ذلك تدخلاً في الشأن الداخلي المصري أو شيء غير سليم، لكن المسألة بدأت بوفد مصري ثم أوروبي ثم إفريقي». ونفى فهمي الأنباء التي تحدثت عن تقديم آشتون مبادرة للمصالحة، موضحاً انها جاءت كي تطلع على الأوضاع وتطرح ما لديها من أفكار، وقد شرح لها البرادعي الموقف بوضوح، وإذا كان هناك قدر من المساعدة فستفعله ولكن ليس بشكل مبادرة أو وساطة. في غضون ذلك ندد المرشح اليساري السابق في انتخابات الرئاسة في مصر حمدين صباحي بإراقة الدماء في أحداث العنف التي شهدها البلد في الآونة الأخيرة. وأضاف أن القوى الثورية ستجري مناقشات وتتفق على مرشح واحد لتمثيل ثورة 25 يناير و30 يونيو أملاً في تحقيق طموحات المصريين وأهداف ثورتهم. واتهم صباحي الرئيس المعزول مرسي بانتهاج نفس السياسة الخارجية الخاطئة للرئيس الاسبق حسني مبارك بالامتثال لرغبات الغرب، وألقى صباحي باللوم على الولاياتالمتحدة لدعمها «الإخوان المسلمين» بعد خروج المصريين للمطالبة برحيل الرئيس المعزول. وقال صباحي الذي أيد تدخل الجيش لعزل الرئيس مرسي إن التفويض الذي منحه الشعب المصري لمؤسساته الوطنية وفي مقدمها الجيش والشرطة هو تفويض لإنهاء أعمال العنف لا لإراقة مزيد من الدماء. وأضاف أن إراقة مزيد من الدماء سيحول «الإخوان» إلى ضحية وهو أمر يجب تفاديه تماماً، مشيراً إلى أن هذا هو ما يريده «الإخوان».