قبل أن ينقضي شهر الصوم وتنتهي معه حلقات المسلسلات الدرامية التي تعرض سأغامر منذ اليوم وأعلن فرحي بالمسلسل المصري «موجة حارَة» الذي أتابعه وأرى فيه اختلافاً واضحاً عن الدراما المصرية سابقاً في مسألتين رئيستين تشكلان قوام العمل الدرامي. هو أولاً يقوم على مشهدية بصرية جميلة ظلَت غائبة طويلاً إلا من أعمال معدودة ونادرة خصوصاً وقد تعامل صنّاع الدراما التلفزيونية طويلاً مع هذا الفن البصري باعتباره «سينما من الدرجة الثانية»، سواء لجهة الإنتاج وضعف إمكاناته، أم حتى الإعداد بروية كانت مفقودة بتأثير سياسة «نمط الإنتاج الرمضاني» الذي يتحقق عادة على عجل. وهو ثانياً، ولعل هذا بالغ الأهمية أيضاً، يتصدى لمشكلات اجتماعية جادَة بذهنية مختلفة تنطلق من محاولة رؤية تلك المشكلات من خلال سياقاتها الاجتماعية الواقعية، أي بعيداً عن المسلمات المثالية التي اعتادت أن تقدم لها تفسيرات لا تمت للواقع أو الحقيقة بأية صلة. من هذين السياقين المهمين يمكننا أن ننطلق بعد ذلك للحديث عن المفردات الفنية الأخرى وأبرزها في تقديري أداء الممثلين، بل قبل الأداء إختيارات المخرج لأبطال عمله. هنا بالذات نرى لافتة وجديرة بالتحية هذه الاختيارات التي لم تتوقف طويلاً أمام فكرة النجومية بمعناها التقليدي، وقامت بدلاً من ذلك بنجومية الأداء، من دون أن ننسى الإشارة إلى البطولة الجماعية إلى حد كبير. الممثلون في «موجة حارَة» يجسدون أدوارهم في جماليات بسيطة، وإن تكن عميقة، سلسة وتبتعد عن الافتعال ما يعيد للممثل والمشاهد أيضا متعة متابعة الحلقات وتطورات السرد الدرامي بجاذبية عالية. مهم عند الحديث عن «موجة حارة» أن نشير إلى أنه ينتمي الى زماننا الراهن، أو إذا شئنا الدقة الى زمانه المصري الراهن بما فيه من تغيرات وأحداث عاصفة قلبت الحياة رأساً على عقب، وكان لازماً وطبيعياً أن يلامس ذلك التغيُر الدراما ذاتها. هل ننطلق من ذلك لنقول وداعاً لدراما النجم الواحد سواء كان ممثلاً أم ممثلة؟ هو سؤال قد لا تبدو الإجابة عنه حاسمة اليوم، لكنها حاضرة وبقوَة لا نستطيع تجاهلها، مثلما لا نستطيع التمهل في إعلان فرحنا بقدومها.