لم يكن الأربعاء عادياً في القناة الثانية المغربية «دوزيم» التي تضامنت مع المركزيات النقابية المغربية التي نفذت إضراباً وطنياً إنذارياً احتجاجاً على مشروع الحكومة رفع سن التقاعد وضرب القدرة الشرائية للمواطنين. فصحافيو القناة الثانية وتقنيوها ومقدمو البرامج، انخرطوا بغالبيتهم في الإضراب بحمل شارة حمراء، تعبيراً عن تضامنهم مع المضربين وإيمانهم بمطالبهم. وقد اْعتبر هذا الشكل الاحتجاجي سابقة في قناة تلفزيونية وطنية. وأفردت مقدِّمة النشرة الإخبارية سناء رحيمي، للموضوع، في نهاية نشرة الظهيرة، حيزاً مهماً، بالقول: «كما لاحظتم مشاهدينا طيلة هذه النشرة أطللت عليكم، واستثناء، بشارة حمراء، في إشارة إلى مشاركتي، كما معظم الزملاء في القناة الثانية في الإضراب الوطني؛ ولكن مع تأمين الخدمة الإعلامية وواجبنا في إخباركم». ونقلت الكاميرا، بالموازاة، صوراً لأعضاء الطاقم التقني والفني والإخباري للقناة وهم يحملون شارة الإضراب. اللازمة ذاتها تكررت طيلة اليوم في بقية النشرات الإخبارية والنشرات الاقتصادية وغيرها، كما حمل كل الصحافيين الشارة. «دوزيم» لم تكتفِ بالسماح لموظفيها بالظهور على الشاشة حاملين الشارة، بل تعاطت مع الإضراب بتغطيات وافية وخصّصت في المساء برنامج «مباشرة معكم» لتقويم آثار الإضراب الوطني وتداعياته. سلوك القناة، وإن كان يبدو في ظاهره عادياً، إلا أن من شأنه أن يُحيي الجدل الصاخب بين القناة وبين رئيس الحكومة الذي لطالما عبّر عن امتعاضه من تغطياتها، مشيراً إلى كونها قناة تتحدث بلسان المعارضة، وتنحاز إليها. في المقابل رأى مراقبون في تصرّف القناة، ترجمة لجو الحرّيات الذي تعرفه البلاد، وتكريساً لتحرّر الإعلام من كل سلطة أو مراقبة حكوميّة على عمله.