على رغم احتفال القناة العمومية المغربية الثانية («دوزيم») الشهر الماضي بمرور 20 عاماً على انطلاق بثها، لكن عمر القناة بالنسبة الى عموم المشاهدين المغاربة هو أقل من ذلك بكثير. فالاحتفال بعيد الميلاد العشرين ربما كان يعني أكثر سكان الدارالبيضاء، حيث مقر القناة، وسكان العاصمة والنواحي، بما أن القناة، كانت تعتمد البث المشفر على مدى سنوات من الانطلاقة. تميزت سنوات الانطلاق الأولى ببرامج حوار قوية حول الشأن العام والسياسة والمجتمع، أبرزها برنامج «رجل الساعة» بنسختين عربية وفرنسية، وبرنامج «لقاء» الاجتماعي و «مغرب بلا حدود» حول الجالية المغربية في الخارج... ودشنت القناة عام 1989 عصر الثنائية التلفزيونية الوحيدة التي شهدها المغرب بين القطاعين العام والخاص إلى الوقت الحاضر، على رغم تحرير قطاع الإعلام السمعي البصري، قبل أن تنتقل عام 1996 من القطاع الخاص إلى القطاع العام، بعد سبع سنوات من التألق ألهب فضول المغاربة الذين كانوا يتشوقون لنوع جريء من الإعلام على غرار ما بدأ عالم الساتل ينقله إليهم في ذلك الحين. واستبشر المشاهدون والمتتبعون بمنافسة قوية تدفع بالإعلام العمومي المرئي إلى الأمام، في سياق انتقال ديموقراطي وبروز انفراج سياسي واعد، لكن الثانية ما فتئت أن تشبهت بالأولى، بتراجع جرأتها السياسية والاجتماعية وانسياق خطها التحريري الإخباري للخطاب الرسمي، بينما كانت المنافسة الحقيقية على المشاهد المغربي تجري خارج المغرب بين الفضائيات العربية وبعض القنوات الفرنسية والإخبارية الدولية. وأسقطت أرقام في آخر تقرير لقياس نسبة المشاهدة صدر في شباط (فبراير) الماضي أسطورة حيازة «دوزيم» على نسبة المشاهدة الأعلى مقارنة بزميلتها الأولى. وأظهر التقرير أن القناتين تقفان على قدم المساواة بالنسبة لتدني إقبال المشاهد المغربي (10،7 في المئة للأولى و18 في المئة للثانية)، بفارق متقارب، علامته البارزة تقاسمهما بنسبة النصف جمهور البوادي (24 في المئة للأولى و25 في المئة للثانية). وتحاول القناة استعادة أمجاد الماضي، وبالتالي إثراء شبكة برامجها لتعزيز إنتاجاتها الناجحة الحالية، من قبيل «مختفون» الذي يجمع شمل العائلات التي اختفى أحد أفرادها، و «تحقيق» و «الزاوية الكبرى» و «مباشرة معكم» و «شالانجر»، وسواها من البرامج التي تتطرق الى قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية، فضلا عن البرامج الترفيهية والفنية، مثل «استوديو دوزيم». حفلة «دوزيم» الخاصة بالعيد العشرين سعت لإنعاش ذاكرة المشاهدين المغاربة، وتحريك ذكرياتهم عنها، إذ أعدت القناة برامج حول مسار نجاحاتها في البداية، وسهرة فنية كبرى، واستدعت بعض أشهر إعلامييها الذين شاركوا في تأسيسها، وضمنهم أنس بوسلامتي، رئيس التحرير في قناة أبو ظبي، ونصر الدين احسايني، مراسل قناة «الجزيرة» القطرية في واشنطن، وسواهما من المذيعين الذين عملوا في القناة. وأعلنت «دوزيم» رفع عدد نشراتها الإخبارية إلى 11 موعداً إخبارياً في اليوم انطلاقاً من الشهر المقبل، وفيها أربع نشرات إخبارية، ونشرتان رياضيتان، ونشرتان اقتصاديتان و3 نشرات لأحوال الطقس، فضلاً عن نشرة حول حالة حركة السير بالطرق التي تشهد وقوع ضحايا بعدد كبير، ومجلات اجتماعية وثقافية. كما تراهن الثانية على إنتاج الأعمال الدرامية الوطنية التي تسجل أعلى نسب المشاهدة، لتشكل الأفلام التلفزيونية والمسلسلات والسيتكوم ركيزة أساسية في شبكة البرامج. وتتوفر الثانية على إذاعة «دوزيم» الموسيقية التي ستشهد بدورها تحولاً نحو بث الأخبار (14 موجزاً إخبارياً وبرامج جديدة موجهة للشباب والنساء) لمواكبة المنافسة القوية بين الإذاعات الخاصة، المستفيدة الأولى من تحرير قطاع الإعلام السمعي البصري حتى الآن. وتبث «دوزيم» فضائياً وأرضياً على القمر الاصطناعي «هوت بورد» و «نايلسات»، وتغطي المغرب عبر التلفزيون الرقمي الأرضي (تي إن تي) والأقمار الاصطناعية، وتلتقط كذلك في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. وتواجه التغطية عبر البث الأرضي (الهرتزي) مصاعب جراء المعيقات الجغرافية، وتمثل نسبة هذا العجز 15 في المئة على المستوى الوطني.