يعتبر قرار الجمعية العلميّة في «اتحاد كليّات الصيدَلَة في العالم العربي» تشكيل هيئة لوضع استراتيجية لاكتشاف الأدويَة، من أهم قرارات مؤتمر للاتحاد استضافته القاهرة أخيراً. ونظّم المؤتمر من قِبَل كليّة الصيدَلَة في جامعة عين شمس تحت عنوان «الاتجاهات الحديثة في اكتشاف وتطوير الدواء وممارسة الصيدَلَة». وبرز في المؤتمر اقتراح بأن تكون تلك الهيئة برئاسة الدكتور عبدالناصر بدوي سنجاب، عميد الكليّة المذكورة، ويكون هدفها الرئيسي الاتجاه نحو إمكان الحصول على دواء عربي جديد شأن دول يشبه وضعها العلمي والمادي كثيرا من الدول العربيّة. وشارك في المؤتمر 350 باحثاً، ناقشوا على مدى ثلاثة أيام 102 بحث شملت مواضيع اقتصاد الدواء، وعلاج أمراض الكبد الفيروسيّة، اكتشاف الدواء وتطويره، الطُرق الحديثة في صنع الدواء، المستجدّات العلميّة في المُضادات الحيويّة، والمُكوّنات الطبيعيّة كمصدر لاكتشاف أدويَة. وتضمن المؤتمر ورشتي عمل عن «اكتشاف الدواء في الوطن العربي» و «مشاكل الدواء في الوطن العربي ومصر». ووفق سنجاب، سعى المؤتمر إلى رسم صورة عن النشاطات المهنيّة للصيادِلَة، والمساهمة في تطوير التعليم والممارسة الصيدلانيّة، وتعزيز التفاعل بين الأكاديميين والباحثين في العلوم الصيدلانيّة، وتعزيز فهم آليات تسعير الأدويَة وتأثيرها في صناعة الأدويَة ووصولها إلى المرضى، ومسارات اكتشاف الأدوية، وربط البحوث بالتسويق، وتحسين الرعاية الشاملة للمرضى وغيرها. وذكّر الأمين العام للجمعية العلميّة لكليّات الصيدَلَة في الوطن العربي الدكتور جمعة الزهوري بأن الجمعية تأسّست في العام 1996 وهي مطالبة حاضراً بالعودة إلى عصرها الذهبي عبر التنسيق بين المراكز العلميّة الخدمية والبحثيّة، وتطوير المناهج الدراسيّة، وتشجيع التعاون في التأليف والتعريب والنشر. ودعا الزهوري إلى إصدار «المجلة العربيّة للعلوم الصيدلية»، والعمل على إصدار معجم للمصطلحات الصيدلانيّة العلميّة باللغات العربيّة والإنكليزية والفرنسية، وضبط مسار إنشاء كليّات جديدة للصيدَلَة عربيّاً، وتوثيق الصلات بين الجمعية ونظيراتها دوليّاً. وبيّن الزهوري أن السودان يستضيف المؤتمر ال18 المقبل لكليّات الصيدَلَة في الوطن العربي. بين أزمة اليمن وتجربة الهند وتناول عميد كليّة الصيدَلَة في جامعة صنعاء الدكتور ماجد علوان الشرجبي واقع مهنة الصيدَلَة في اليمن. ولفت إلى قلة الوعي بالأمن الدوائي على رغم كونه من عناصر الأمن القومي لأي دولة. وأضاف: «نعاني من دُخلاء على المهنة في التصنيع والبيع، إضافة إلى ضعف الرقابة على الدواء. ومثلاً، لدينا أصناف من الأدوية المُسجّلة يفوق عددها في أي دولة عربيّة أخرى، إلى درجة توافر ما يزيد على 60 بديلاً لصنف ما، وهو أمر يفقد الثقة في شركات الأدوية. والمفارقة أيضاً أن غالبية خريجي كليّات الصيادِلَة يعملون مندوبين للترويج لدى تلك الشركات». في المقلب الآخر من المشهد عينه، دعا الصيدلي غريب عامر، مُمثل إحدى شركات الأدويَة العالميّة، إلى الاستفادة من تجربة الهند التي تحتل المرتبة الثالثة عالميّاً في صناعة الدواء، والرابعة عشرة من ناحية القيمة بالدولار، إذ بلغ حجم إنتاج الهند من الدواء 31.9 بليون دولار في عام 2013، وهي تصدر أدوية ب 15.6 بليون دولار، وتتجه 52 في المئة من صادرات الهند إلى أوروبا والولايات المتحدة. كذلك تمثّل صادرات الهند قرابة 20 في المئة من حجم الأدويَة المُصدرة عالميّاً، بفضل موافقة «مكتب الغذاء والدواء» الأميركي على اعتماد 546 مُصنّعاً محلياً في الهند، إضافة إلى قرابة 2700 منتج دوائي. كما اعتمدت «الهيئة البريطانيّة للأدوية» قرابة 857 مُصنّعا محليّاً في الهند. وأشار غريب إلى أن حجم إنتاج الدواء في مصر يقترب من 3 بلايين دولار، ويمثل قرابة 30 في المئة من مجمل إنتاج اللأدوية في المنطقة العربيّة، مع صادرات تلامس 270 مليون دولار. وفي ما يتعلق بالعلاقة بين البحث العلمي الأكاديمي وصناعة الدواء، أشار عامر إلى أن الجامعات في أوروبا والولايات المتحدة تعمد إلى إنشاء مؤسّسات متخصّصة لتسويق مُنتجات بحوثها الجامعية وابتكاراتها إلى شركات الأدويَة. ويتطلب ذلك توافر سياسات وقوانين تحافظ على حقوق الملكية الفكرية بما يدعّم ميل الجامعات نحو توجيه البحث العلمي إلى ابتكار أدويَة وعلاجات للأمراض المنتشرة في المجتمع. وطالب عامر أيضاً بضرورة تطوير مؤسّسات الرقابة الدوائيّة وأجهزتها، ما يجعلها قادرة على ابتكار سياسات دوائيّة تضمن إنتاج أدويَة بمواصفات عالميّة. ورأى في ذلك ضماناً بأن تصل تلك الصناعة إلى مستوى المنافسة في الأسواق العالميّة كلها. وكذلك اعتبر عامر أنشاء «هيئة الدواء والغذاء» في المملكة العربيّة السعودية، وهي جاءت على «مكتب الغذاء والدواء» الأميركي، نموذجاً يحتذى به عربيّاً.