تقاذفني بالعتاب والسباب جمعاً من أصحاب «دكاكين» البيع بالتقسيط لأن مقالتي السابقة وصفتهم ب«الربويين» و«ماكينات» غسيل أموال، ثم دعاني المحامي أحمد الغامدي لسماع رأي قانوني يقول إنهم أيضاً وفقاً للقانون السعودي يستحقون السجن! ينص القانون السعودي على أنه: مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة الأخرى، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أعوام وبغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم بسوء نية على ارتكاب أحد الأفعال الآتية: «الفقرة و- إذا تلقى المستفيد أو الحامل شيكاً لا يوجد له مقابل وفاء كافٍ لدفع قيمته». وبالتالي، فإن إدراج كل أصحاب مكاتب البيع بالتقسيط ضمن هذا العقاب الرادع وارد لو أراد القانون أن يكون أكثر من مجرد حبر على ورق، فسوء النية واضح لأن كليهما مانح الشيك وحامله يعلمان علم اليقين أن لا رصيد موجود، ولو كان كاتب الشيك عنده رصيد ما غمس ذاته وأولاده في ويلات الربا. يضيف المحامي الغامدي: «هذه المادة في القانون كفيلة بزج كل مديري شركات التمويل، وشركات التقسيط، وشركات السيارات في السجن معهم، إضافة إلى تغريم شركاتهم مبالغ مالية لا حصر لها»، مضيفاً: «يعمد المديرون المذكورون والمسؤولون عن أعمال الشركة إلى إجبار العميل - طالب التمويل أو القرض أو السيارة المقسطة أو أجهزة التبريد والتكييف - على توقيع عقود إذعان ترقى أن تكون عقود غبن، وسندات، كل هذا يضاف إليها إلزامه بتحرير شيكات بتواريخ مسلسله أو شيك واحد بإجمالي المبلغ الذي يطلبونه... يعلمون أن الشيكات بلا أرصده. وذلك ضغطاً على العميل محرر الشيكات بسجنه والتلويح له بتهديده دائماً إن لم يدفع الأقساط في وقتها المحدد». انتهى كلام المحامي، وبدأ صوت القانون مجدداً: «فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال ثلاثة أعوام من تاريخ الحكم عليه في أي منهما تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمسة أعوام والغرامة التي لا تزيد على 100 ألف ريال أو إحدى هاتين العقوبتين»، وبالتالي فإن أرباب مكاتب التقسيط مؤهلون للسجن مئات السنين وغرامات بملايين الريالات لأنهم يعودون لارتكاب الجريمة نفسها يومياً. تقع الجريمة بدخولهم كمجرمين بسوء نية مع عميلهم الغافل أو المتغافل بسبب تحويلهم الوظيفة والغرض الأساسي من الشيك من كونه أداة للوفاء فقط إلى أن يكون أداة ضغط وابتزاز وضمان، مخالفين بأعمالهم القانون والمجتمع والاقتصاد بشكل عام، فمكاتب التقسيط ترتكب هذه المخالفات الكبرى تواتراً وتعتمد وبشكل كبير على جهل العميل بالقانون وتبتزه به. مارس قانون الأوراق التجارية السعودي الشيك - من دون سائر الأوراق التجارية الأخرى - حماية خاصة تقديراً لوظائف اقتصادية يؤديها، مع الحرص على بقاء الشيك في حدود هذه الوظائف وعدم الخروج به إلى مجالات أخرى ينافس بها الكمبيالة والسند لأمر المخصصة كأداة ضمان، مردوفاً بقانون تنفيذ جديد يدعم وبقوة الشيك بشكل عام والمتعاملين به بشكل خاص ولم يلغِ الوصف الجرمي عمن يرتكب إحدى جرائم الشيك، يأتي أصحاب مكاتب التقسيط بالصدارة، نعود الآن لمن عتب أو شتم ونقول له إذا كان من أصحاب مكاتب التقسيط، فضلاً تلمس معصم يدك، واعتذر له لأن «كلبشات» حديد ستلتف حوله ذات يوم قريب، فالقوانين قد تنام قليلاً لكن سباتها لا ينام، إذا أردنا النجاة من عقاب رباني قد يصيب الأرض بسبب انتشار الربا. [email protected] jeddah9000@