قرر الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري ل «حزب الله» على قائمة المنظمات الارهابية رداً على «ارتكابه عملية ارهابية» على تراب الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن القرار لا يمس علاقات الحوار والتعاون مع الحكومة اللبنانية وقطاعات المجتمع المدني. وأوصى وزراء خارجية الاتحاد في اجتماعهم أمس الاثنين في بروكسيل الجهات المختصة في الاتحاد بتحديد أسماء الأشخاص والكيانات الذين يمثلون جزءاً من الجناح العسكري للحزب. وتشمل العقوبات من الناحية المبدئية بالنسبة الى الأشخاص حظر تأشيرات الدخول وتجميد الأصول، والأمر نفسه بالنسبة الى الكيانات التي ستحدد تبعيتُها للجناح العسكري للحزب. ويستند القرار رسمياً إلى اتهامات نسبتها أجهزة الأمن البلغارية والأجنبية إلى الجناح العسكري للحزب بتفجير حافلة سيّاح اسرائيليين في 18 تموز (يوليو) 2012 في مطار بورغاس البلغاري. وقال مصدر أوروبي رفيع إن «اثنين فقط تم تحديد علاقتهما بعملية التفجير». لكن مصادر أخرى تعتقد أن ضلوع «حزب الله» في أزمة سورية دفع غالبية الدول الأوروبية إلى مساندة طلب بريطانيا إدراج الجناح العسكري على قائمة الارهاب. ولاحظ مراقبون أن القرار «قد يمكن من تخفيف انزعاج اسرائيل من قرار الاتحاد الأسبوع الماضي حظر دعم المؤسسات الاقتصادية العاملة في المستوطنات الاسرائيلية، فإذا خسرت اسرائيل صمت الاتحاد على الاستيطان، فإنها نالت في المقابل ادانة الأوروبيين «حزب الله». وهو ما دعت اليه الولاياتالمتحدة وإسرائيل على مدى سنين». وعن تداعيات القرار على جنوب لبنان، قالت وزيرة الخارجية الأوروبية كاترين آشتون ل «الحياة»: «زرت قوات يونيفيل في الفترة الماضية وتوقفت عند جهودها من أجل استقرار جنوب لبنان وأكدت أهمية أن تتمكن قوات يونيفيل من القيام بواجبها». وقالت آشتون إن «الاتحاد يرقبُ هشاشة الوضع في لبنان والقلق المتزايد من اشتداد حدة أزمة تدفق اللاجئين الذين هم في حاجة للعناية». وثمَّنت «جهود كل العاملين في لبنان في هذا الشأن». وأشارت أيضاً إلى القلق المتزايد إزاء ما تنقله التقارير عن دوره (حزب الله) في سورية. ومثلت اقتراحات آشتون حلاً وسطاً بين غالبية الدول التي دعمت الطلب البريطاني وأقلية من الأعضاء (النمسا، مالطا، إرلندا، جمهورية التشيك) التي ظلت تتحفظ حتى آخر لحظة بسبب الخوف من تداعيات مثل هذا القرار على الساحة السياسية في لبنان. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية النمسوي رينهولد لوبتكا ل «الحياة»: «نتمسك بموقف مبدئي يؤكد أن لا تسامح مع منظمات تقوم بعمليات ارهابية، ونرى من ناحية أخرى وجوب القيام بما في وسعنا من أجل تأمين استقرار لبنان حيث يمثل «حزب الله» جزءاً من حكومة لبنان». وحصل سفير لبنان في بروكسيل رامي مرتضى على «تطمينات بألا يمس القرار إطلاقاً جوهر العلاقة والحوار السياسي والتعاون بين لبنان والاتحاد الأوروبي». وسيواجه الخبراء صعوبات في تحديد هوية الأشخاص والكيانات ذات الصلة بالنشاط العسكري للحزب الذي تتبع منظماته أسلوب عمل الميليشيات النشطة على كل الصعد الاجتماعية والعسكرية في آن. وتشير مصادر اوروبية إلى أن هياكل الحزب ككل قد لا تمتلك أصولاً في السوق الأوروبية، لكن القرار سيؤثر حتماً في وتيرة سخاء أنصاره في صفوف الجاليات اللبنانية المقيمة في اوروبا وخارجها. وأكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ «أهمية إدراج حزب الله منظمةً ارهابيةً وذلك استناداً إلى أدلة على نشاطات ارهابية». وقال: «لا نعتقد أن الموقف من حزب الله يهدد استقرار لبنان، وتقدم بريطانيا الكثير من أجل دعم استقرار لبنان». وأشار هيغ قبل بدء المحادثات في بروكسيل إلى «تقديم بلاده دعماً تقنياً للقوات المسلحة اللبنانية»، معرباً عن عدم اعتقاده «بأن الموقف (من حزب الله) سيهدد استقرار لبنان، ومن المهم أن يظهر الاتحاد وحدته في مواجهة الارهاب»، معتبراً القرار «رسالة واضحة إلى حزب الله وآخرين» وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله إن «الوضع بسيط ومعقد في الوقت نفسه حيث لا يمكن التسامح مع الجناح العسكري لحزب الله في أي عمل ارهابي في الاتحاد الأوروبي». وقال وزير خارجية السويد كارل بيلدت: «أقمنا علاقة بين الارهاب والتخطيط للارهاب من جانب الجناح العسكري لحزب الله، ولا يمكن التسامح مع فعل كهذا». وكانت السلطات البلغارية اعلنت في الخامس من شباط (فبراير) الماضي ان لديها ادلة على تورط «حزب الله» في الاعتداء الذي وقع في الثامن عشر من تموز 2012 في مطار بورغاس البلغاري وأوقع ستة قتلى هم خمسة سياح اسرائيليين وسائق الحافلة التي استهدفها الانفجار. وتشمل الاتهامات في حق «حزب الله» ايضاً التخطيط لمحاولة الاعتداء على سياح اسرائيليين في قبرص حيث دانت محكمة محلية حسام طالب يعقوب (24 سنة)، سويدي - لبناني، بالسجن أربع سنوات. وقال مصدر وثيق الاطلاع ل «الحياة» إن «الدليل الأكثر قوة توافر في ملف اعتداء مطار بورغاس حيث حددت أجهزة التحقيق هوية ثلاثة متهمين، منهم القتيل في أثناء عملية التفجير واثنان ربما يوجدان في لبنان». وتذكر التقارير أن المحققين في بلغاريا «تمكنوا من تحديد هوية الشريكين في عملية بورغاس ويحمل أحدهما هوية لبنانية - كندية والثاني هوية لبنانية - استرالية وقد غادرا بلغاريا عبر رومانيا وبولندا». وترجح بعض التقارير أن تكون عملية استهداف السياح الاسرائيليين «رداً من حزب الله على اغتيال القائد العسكري عماد مغنية ورداً ايضاً على استهداف اسرائيل علماء الذرة الايرانيين». ويتعلق الأمر بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي ب «أن العملية الارهابية تم ارتكابها على تراب دولة عضو». وأكد مصدر أوروبي مطلع أن القرار يستهدف كيان الجناح العسكري فقط ولا يتضمن بعد تسمية أشخاص، ويقتضي تجميد أرصدة الجناح العسكري إن وجدت. وسيصوغ خبراء الشؤون القانونية القرار في غضون الأيام الثلاثة المقبلة على أن يدخل التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية يوم الجمعة أو السبت المقبلين. وأوضح مصدر ديبلوماسي ل «الحياة» أن «القرار يكتسب رمزية سياسية إذ لا يصنف أشخاصاًَ ويكتفي بالكيان العسكري ككل». ويتصل الرمز السياسي للقرار بضلوع «حزب الله» في أزمة سورية. وفي السياق، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنه «بادراج حزب الله على لائحة الكيانات الإرهابية، يقوم الاتحاد الاوروبي بمطابقة القانون على الوقائع». وأكد وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس في بيان أن «من الجيد أن يقرر الاتحاد الاوروبي تسمية حزب الله بما هو فعلاً منظمة إرهابية». وقال: «اجتزنا مرحلة مهمة اليوم بمعاقبة الجناح العسكري من خلال تجميد أرصدته وبلبلة تمويله وبالتالي الحد من قدرته على التحرك».