أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين أمر «حيوي» بالنسبة إلى مصلحة إسرائيل، في وقت كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أن محادثات سرية بين الرئيس شمعون بيريز والرئيس محمود عباس (أبو مازن) في عمان في وقت سابق من العام الحالي، مهدت الطريق أمام الاتفاق، كما ساهمت في ذلك اللهجة الحادة التي استخدمها وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نتانياهو وتحذيره من حملة دولية لنزع الشرعية عن إسرائيل، كما أفادت صحيفة «هآرتس». أما في خصوص التفاهمات التي تم التوصل إليها، فقال مسؤول إسرائيلي إن تل أبيب تخطط لإطلاق 80 أسيراً فلسطينياً ممن اعتقلوا قبل توقيع اتفاق أوسلو وأمضوا ما يزيد على عشرين عاماً على الأقل في السجون، فيما قال آخر إن تفاهمات إطلاق أسرى ما قبل اتفاق أوسلو لا تشمل فلسطينيي ال 48 (عرب الداخل). وكان كيري أعلن من عمان مساء الجمعة التوصل إلى اتفاق «يضع قواعد استئناف المفاوضات»، تاركاً الاتفاق على التفاصيل إلى المفاوض الفلسطيني صائب عريقات والوزيرة الإسرائيلية المكلفة ملف المفاوضات تسيبي ليفني خلال لقاء مرتقب بينهما في واشنطن الأسبوع المقبل. وقال نتانياهو في بيان أمس إن «استئناف عملية السلام يصب في المصلحة الحيوية الاستراتيجية لدولة إسرائيل»، مضيفاً: «من الأهمية بمكان محاولة وضع حد للنزاع بيننا وبين الفلسطينيين، وهو أمر مهم بسبب التحديات التي نواجهها، خصوصاً تلك التي مصدرها إيران وسورية». وأعلن أن إسرائيل تريد «الحيلولة دون إقامة دولة بقوميتين تهدد مستقبل الدولة اليهودية، وتريد أن تمنع قيام دولة أخرى إرهابية داخل حدودنا تحت إشراف إيران». ولم يكشف تفاصيل الاتفاق الذي تم تحت إشراف كيري لاستئناف المفاوضات، وقال: «سأشدد على شروط إسرائيل على المستوى الأمني وعلى مستوى مصالحنا الحيوية». احتدام الخلافات وقوبلت موافقة نتانياهو المبدئية على تنشيط المفاوضات، بتشكك واستخفاف أمس من بعض أعضاء الائتلاف اليميني الحاكم، بمن فيهم أعضاء من حزبه. إذ سخر شريك نتانياهو في تحالف «ليكود بيتنا» أفيغدور ليبرمان من فكرة إمكان التوصل إلى ما هو أكثر من الاتفاق الموقت في شأن الصراع المستمر منذ عشرات السنين. وكتب على صفحته على «فايسبوك: «من الأهمية بمكان التفاوض، لكن الأكثر أهمية هو أن تكون المفاوضات مبنية على الواقع وليس الأوهام». وأضاف: «لا حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ... على الأقل ليس خلال السنوات القليلة المقبلة، لكن العمل الممكن والمهم هو إدارة الصراع». كما سخر وزير النقل، عضو حزب «ليكود» يسرائيل كاتس من عباس، وقال للصحافيين: «ما يسيطر عليه أبو مازن من الفلسطينيين أقل مما يسيطر عليه (الرئيس بشار) الأسد في سورية»، في إشارة إلى الصراع المستمر منذ عامين. وأردف: «تماماً مثلما لا يفكر أحد في التنازل عن أي أراضٍ للأسد في ظل الوضع الراهن، فإن أحداً لن يفكر بجدية يقيناً في التنازل عن أراضٍ لأبو مازن في وقت لا يسيطر كلية على غالبية السكان الفلسطينيين». «حدة كيري» في هذه الأثناء، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية على موقعها الإلكتروني أمس أن أحد أسباب موافقة نتانياهو هو الطريقة الحادة التي تحدث بها كيري معه. ونقلت عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين شاركوا في المحادثات أن كيري أبلغ نتانياهو بشكل حاد خلال لقائه الأخير معه أن إسرائيل ستواجه حملة دولية لإزالة الشرعية عنها إذا ما استمر الجمود والتعنت في موضوع الاستيطان، موضحة أن القرار الأوروبي ساعد كيري في إقناع نتانياهو بضرورة العودة إلى المفاوضات وعدم الاستمرار بالتعنت والتصلب وفرض الشروط. وأضافت الصحيفة أن كيري أبلغ نتانياهو أنه يعارض القرار الأوروبي، لكن لا بد من اتخاذ خطوات من أجل إقناع الأوروبيين بالعدول عن مثل هذه القرارات، وأن الأمل الوحيد للتخفيف من الموقف الأوروبي هو الموافقة على إطلاق المفاوضات وإحداث حال من الحوار من أجل التوصل إلى تقدم في العملية السلمية وإنهاء حال الجمود التي وصلت إليها. وأشارت إلى أن نتانياهو وكيري أجريا محادثات معمقة في شأن القرار الأوروبي وأثره على العملية السلمية، إذ أبلغ نتانياهو كيري أنه يؤثر سلباً على العملية السلمية، فيما رد كيري بأنه يشكل رسالة لنتانياهو عليه تفهمها. محادثات سرية في عمان في الوقت نفسه، كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أمس أن إجراء محادثات سرية بين الرئيس شمعون بيريز والرئيس محمود عباس في عمان في وقت سابق من العام مهدت الطريق لاتفاق استئناف محادثات السلام الذي أعلنه كيري. وأوضحت الصحيفة في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني أن بيريز التقى عباس في عمان لإجراء محادثات سرية، وأقنعه بيريز بالموافقة على بقاء مستوطني الضفة الغربية والمقيمين اليهود في القدسالشرقية في مستوطناتهم، على أن تخضع للدولة الفلسطينية. وأضافت أن بيريز حض عباس على قبول هذا الشرط على الأقل ليقنع نتانياهو بمباركة المحادثات. تفاهمات الأسرى وفي ما يتعلق بالتفاهمات التي توصل إليها كيري في شأن الأسرى، قال مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل تخطط لإطلاق 80 أسيراً فلسطينياً ممن اعتقلوا قبل توقيع اتفاق أوسلو وأمضوا ما يزيد على عشرين عاما على الأقل في السجون. ونقل موقع «والا» العبري عن المسؤول قوله إن الرئيس عباس طالب بإطلاق أكثر من 100 أسير، بمن فيهم 24 أسيراً من عرب الداخل (مناطق ال 48) والذين حكم على غالبيتهم بالسجن المؤبد، إلا أن التفاهمات التي تم التوصل إليها تقضي بإطلاق الأسرى الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، مع استثناء أسرى الداخل. وأوضح أن الإفراج عن هؤلاء سيكون بشكل تدريجي وليس قبل بدء المحادثات، مشيراً إلى أن عدد الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم لا يزيد على 80 أسيراً فقط. وأضاف: «نريد أن نرى مفاوضات جدية من الفلسطينيين وليس مجرد الحديث فقط لإفشال المفاوضات ومن ثم الذهاب للأمم المتحدة». وتابع: «هذه عملية لبناء الثقة... معظم السجناء الذين سيفرج عنهم هم فوق سن الأربعين، ومعظمهم كان سجن لأكثر من عقدين من الزمن، ويفترض أن يطلق الكثيرون منهم في غضون سنوات قليلة، والإفراج عنهم سيتم في مقابل الحصول على ثمن وليس السماح لهم بالرحيل فقط». وفي تعليقه على تصريحات بعض المسؤولين الفلسطينيين عن الاتفاق على تجميد البناء في المستوطنات وإجراء المفاوضات على أساس حدود عام 1967، قال المسؤول: «لا يوجد أي التزام في شأن الحدود أو تجميد البناء في المستوطنات أو الإفراج عن السجناء قبل بدء المفاوضات... أبو مازن يريد التأثير على الجمهور الفلسطيني، وهذه طريقته في القيام بذلك». وكان وزير العلاقات الدولية الإسرائيلي يوفال شتينيتز أعلن أول من أمس أن إسرائيل ستطلق عدداً «محدوداً» من الأسرى الفلسطينيين كبادرة حسن نية. وتواصلت أمس ردود الفعل على التفاهمات التي توصل إليها كيري، وجدد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ خلال اتصال هاتفي أجراه مع عباس أمس تأكيده على دعم بريطانيا وأوروبا للجهود الأميركية لاستئناف المفاوضات.