انتقلت المواجهات بين «قوات حماية الشعب» التابعة ل «مجلس شعب غرب كردستان» من جهة وبين مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و «جبهة النصرة» من جهة ثانية، إلى مدينة تل أبيض في الرقة شرقي البلاد، حيث تبادل الطرفان خطف مقاتلين وقادة لديهما، ما أدى إلى توتر دفع الأهالي إلى النزوح من المدينة الواقعة على الحدود مع تركيا. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «لواء جبهة الأكراد» أفرج عن أمير «الدولة الإسلامية في العراق والشام» الملقب ب «أبو مصعب» بعد وساطة من الكتائب المقاتلة في مقابل الإفراج عن 300 كردي كانت اعتقلتهم «الدولة الإسلامية»، وهم أهالي مقاتلين أكراد. وعلم أن «أبو مصعب» شخصية غير سورية. وكان مقاتلو «الدولة الإسلامية» اعتقلوا مئات المواطنين الكرد من أهالي تل أبيض بعد اعتقال مقاتلين أكراد «أمير الدولة الإسلامية» في قرية اليابسة في اشتباكات جرت في تل أبيض قرب حدود تركيا. وأشار «المرصد» إلى أن اعتقال «أبو مصعب» وثلاثة مرافقين له جاء «أثناء تفخيخهم لمدرسة كانت مقراً لحزب كردي في المدينة اندلعت على إثرها اشتباكات عنيفة امتدت إلى عدة أحياء من المدينة رافقها انتشار للكتائب المقاتلة في المدينة وعند أطرافها». وأضاف أن «أبو مصعب» كان «يحمل حزاماً ناسفاً ويهدد بتفجير المكان إن لم يتم السماح له بالخروج»، لافتاً إلى «معلومات عن مقتل اثنين من دولة العراق والشام الإسلامية وأنباء عن جرحى في صفوف الطرفين». لكن مسؤولاً في «قوات حماية الشعب» قال ل «الحياة» إن مقاتليه تمكنوا من قتل 25 مقاتلاً إسلامياً في تل أبيض وأن «أبو مصعب» اُعتقل خلال المواجهات التي بدأت لدى قيام مقاتلين إسلاميين بالطلب من القيمين على «بيت الشعب» التابع ل «مجلس شعب غرب كردستان» بإخلائه لأنهم «لم يدينوا سيطرة قوات الحماية على رأس العين قبل أيام». وقالت مصادر محلية إن التوتر بدأ لدى سعي المتشددين إلى إغلاق مكاتب أحزاب كردية في المدينة. واتهم مسؤولون في «الاتحاد الديموقراطي الكردي» أنقرة بدعم مقاتلي المعارضة للحد من نفوذ الأكراد قرب حدودها. وزادت: «تصاعد تبادل الخطف وحشد الطرفين، وانتشر قناصة المتشددين على أسطح المنازل غرب تل أبيض». لكن المصادر أشارت إلى مساع لتخفيف التوتر، حيث أُفرج في البداية عن «أبو مصعب» ومرافقيه الثلاثة للمضي قدماً في صفقة التبادل. وأوضح مصدر أن مقاتلي «النصرة» طالبوا بتسلم جثث 22 شخصاً قتُلوا في رأس العين. وأكد ناشط في تل أبيض لوكالة «فرانس برس» الإفراج عن «أبو مصعب»، مشيراً في الوقت نفسه إلى توتر شديد في المدينة التي استولى عليها مقاتلو المعارضة منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. وقال رافضاً كشف اسمه: «نعيش حرباً أهلية صغيرة منذ أمس. بعد اعتقال أبو مصعب، نشرت الدولة الإسلامية عدداً كبيراً من القناصة والمسلحين في المدينة، ووقعت اشتباكات لا تزال مستمرة منذ الليلة الماضية، وللأسف هناك تجاوزات من كل الجهات». وتابع أن «عدداً كبيراً من العائلات نزح بسبب العنف. وتل أبيض هي الآن مدينة أشباح. وهناك كره متماد تجاه الأكراد، علماً أن الأكراد والعرب والمسيحيين والمسلمين لطالما عاشوا في المدينة جنباً إلى جنب». وكانت «قوات حماية الشعب» سيطرت على مدينة رأس العين وتقدمت في مناطق شمال شرقي البلاد، بالتوازي مع تسرب معلومات عن طرح مشروع ل «إدارة ذاتية كردية» في مناطق الحسكة وعفرين ورأس العين. وكان زعيم «الاتحاد الديموقراطي الكردستاني» صالح مسلم قال ل «الحياة» أول من أمس إن «قوات الحماية» تقوم بعمليات دفاعية بعدما توافرت معلومات لديها عن نية متشددين إسلاميين إعلان «إمارة إسلامية» في شمال سورية. وقُتل أكثر من 45 مقاتلاً من الطرفين خلال المواجهات. وأفاد «المرصد» أن شخصاً قُتل وجرح آخر في رأس العين جراء إصابتهما بشظايا قذيفة هاون سقطت على حي زور آفا شمال المدينة، أطلقها مقاتلون من «الدولة الإسلامية» المتمركزة في مناطق تل حلف ومنطقة أصفر ونجار. واعلن «مجلس السلم الأهلي» الذي يضم شخصيات محلية في رأس العين رفضه «تهجير الأهالي» وفرض إرادة طرف على آخر. ودعا المجلس الأهالي إلى «عدم الرحيل من المدينة»، مشدداً على عدم وجود «أي فرق» بين الأطياف الاجتماعية كافة. وأفاد «المرصد السوري» أن الاشتباكات استمرت أمس لليوم الخامس على التوالي بين «وحدات حماية الشعب» من جهة و «الدولة الإسلامية» و «النصرة» من جهة ثانية في محيط قريتي كرهوك وعلي آغا، التابعتين لناحية جل آغا «(الجوادية) وفي محيط شركة دجلة، بالقرب من محطة وقود كرهوك على الطريق الدولي.