دائماً ما نسمع الناس يحيّون بعضهم في شتى الأماكن بتحية «مساء الفل»، والحقيقة أن أولى الناس بهذه التحية هم الجازانيون، إذ يعتبر الفل في جازان سيد الروائح العطرية وإحدى علامات الجمال للمرأة الجازانية، فلا يخلو بيت إلا ويتزين بردائم الفل التي تفوح منه أعبق الروائح وأطيبها فتعم أرجاء المنطقة ممتدة من البحر إلى الجبل فتضيف إلى طبيعة جازان الساحرة سحراً من نوع آخر. وتتميز أراضي جازان الخصبة بزراعة أنواع عدة ومختلفة من الفل من أشهرها الفل الجازاني والفل العزاني، إلا أن الفل الجازاني ويسمى ياسمين عربي أكثر انتشارًا واستخدامًا، إذ تحتاج زراعته إلى درجة حرارة عالية وعناية فائقة من المزارعين، أمّا الفل العزاني ذو الحبة الطويلة فيزرع وينمو في المناطق الجبلية من المنطقة ويستخدم أكثر لدى الرجال. وتزهر شجرة الفلّ وروداً بيضاء ذات رائحة عطرية زكية، تعتبر أكثر الأزهار مبيعاً في الإجازات الصيفية لكثرة استخدامها في حفلات الأعراس، ويفضل بيعها وشراؤها وهي مغلقة، أما إذا تفتحت الأزهار فيقل سعرها تلقائياً، وتوضع هذه الأزهار في حاويات مصنوعة من سعف النخيل، تسمى الواحدة «جبّ» أو «مسرب». كما لم يعدْ الفل من الكماليات في مناسبات الزواج، وأصبح يشكّل دخلاً جيدًا لعدد من الأسر لوفرة زراعته والطلب المتزايد عليه في جميع أنحاء البلاد، فيباع «الجبّ» الواحد ب 150 ريالاً، أما إذا كان لا يوجد في الأسواق إلا القليل منه، فيتراوح«الجبّ» بين 800 و 1000 ريال، وله طرق عدة للبس، فمنه ما يوضع على الرأس ويعرف بالعصابة، ومنه ما يوضع على الصدر. علي المجرشي «أحد باعة الفل» أوضح أن في موسم الصيف يزداد إنتاج الفل بكميات كبيرة في المنطقة، ويكثر بيعه في الأسواق فتختلف أسعاره بحسب أنواعه، فهناك نوعان رئيسيان هما الفل البلدي وهو منتج محلي والنوع الآخر الفل اليمني وهو مستورد من اليمن. وأشار إلى أن هناك أنواعاً أخرى من الفل لكن إنتاجها والطلب عليها قليل كالفل المصري والمغربي والهندي والصومالي، إلا أن الفل البلدي هو المرغوب لدينا، فالطلب عليه متزايد لرائحته الفوّاحة وحجمه الكبير واستخداماته الدائمة وتواجده المستمر في الأفراح، وبديله الفل اليمني ويسمى الزيدية. أما علي عداوي أحد شاكي الفل يذكر أنه يشك الفل بحسب طلب الزبون وهناك أشكال مختلفة «الكبش» و«المسابح» و«السحلات» و«المصار»، وأسعار العمل للحبة لكل نوع يختلف بحسب ضغط العمل إذ يصل سعر تنظيم الكبش الذي ينظم بحبات مدبلة إلى 100 ريال، خصوصاً في أيام الأعراس والأعياد والمناسبات، موضحاً أن أسعار الفل هذه الأيام متفاوتة فيباع الكبش البلدي العادي ب 10 الى 20 ريالاً والبلدي المبروم يصل سعره إلى 50 ريالاً، أما اليمني العادي فسعره 10 ريالات والمبروم الطويل سعره 20 ريالاً، وأن هناك كبشاً يستخدم للعروسة متسلسل بكمية 3 كباشة ومبروم سعره 150 ريالاً. وعند سؤاله عن أسعار المسابح، قال: «المسبحة القصيرة سعر الحبة بريال وسعر المسبحة الطويلة بريالين للحبة الواحدة، وأما «السحلات» فسعرها يختلف بحسب نوعها، فهناك «سحلات» موضة جديدة يزداد الطلب عليها تسمى بالعصائب توضع على الرأس، والعصابة الواحدة عبارة عن 55 مسبحة من الفل سعرها 150 ريالاً، وأما «السحلات» العادية فهي عبارة عن 15 مسبحة يبلغ سعرها 75 ريالاً، وتوضع مصفوفة على رأس العروس، و«المصار» الواحد يوجد به 60 مسبحة فل ويبلغ سعره 200 ريال. ويذكر أبو محمد صاحب إحدى مزارع إنتاج الفل أن الطلب على الفل يكون متفاوتاً بحسب مواعيد الأعراس والمناسبات، فأحياناً يكون سعره بالكيلو، إذ يصل سعر الكيلو الواحد من 50 إلى 100 ريال، وأحياناً لا يكون عليه أي طلب فنستمتع برائحته ومنظره في المساء وهو في شجرته.