تبادلت الخرطوم وجوبا اتهامات بدعم متمردين يناهضون نظامي الحكم في البلدين، وذلك قبل نحو اسبوعين من انتهاء مهلة حددها السودان لدولة الجنوب لوقف ضخ نفطها عبر أراضيه، ويعتزم الجانبان تقديم شكاوى بهذا الشأن إلى الوسطاء الأفارقة غداً. وأكد مسؤول العمليات في الجيش السوداني الفريق عماد الدين مصطفى عدوي استمرار دولة جنوب السودان بدعم وإيواء الحركات المسلحة بصورة مستمرة ومتزايدة، وقال إن الجنوب لم ينفذ أي بند من بنود الترتيبات الأمنية. وأعلن عدوي عن تشكيل الاتحاد الأفريقي آلية من ثلاث جنرالات للتحقق وتلقي الشكاوى من الجانبين في شأن دعم المتمردين، مشيراً إلى أن الجانبين سيقدمان شكاوى إلى الآلية بمقرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال اجتماع طارئ دعت له الوساطة الأفريقية لمناقشة الاتهامات بدعم الحركات المتمردة لدى الجانبين. وأضاف أن الحكومة السودانية متمسكة بموقفها الرافض لمرور نفط دولة الجنوب عبر أراضيها من دون تسوية شاملة لكافة القضايا الخلافية، خصوصاً الاتفاق الأمني، مشيراً إلى أن الخرطوم وافقت على مبادرة الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي لتشكيل لجنة خبراء لمعالجة الخلاف بشأن الحدود، وأوضح أن رئيس اللجنة زار السودان وجنوب السودان لتقييم الموقف ووضع خطة لذلك. كما كشف وكيل الخارجية السودانية، السفير رحمة الله عثمان، أن الخرطوم رفعت شكوى إلى الاتحاد الأفريقي ضد دولة أوغندا لدعمها حركات متمردة على السودان وإيواء قادتها «تحالف الجبهة الثورية» الذي يضم «الحركة الشعبية –الشمال» وفصائل التمرد الرئيسية الثلاث في دارفور. وقال عثمان إن حكومته في انتظار رد الاتحاد الأفريقي على شكواها ضد أوغندا. وفي المقابل قال ستيفن ديو داو وزير النفط في جنوب السودان أمس إن الجنوب يعتزم بيع 6.4 مليون برميل من النفط مقابل 300 مليون دولار قبل وقف الإنتاج كلياً بنهاية الشهر الجاري. وقال: «سيكون تأثير الوقف سلبياً على السودان وجنوب السودان، وسيضر اقتصادينا»، مشيراً إلى أن الخرطوم ستحصل على رسوم عبور بقيمة 100 مليون دولار حتى موعد وقف إنتاج النفط. كما اتهم وزير الإعلام في جنوب السودان، برنابا مريال بنجامين، الحكومة السودانية بإسقاط أسلحة عبر طائرات في ولاية جونقلي لصالح المتمرد ديفيد ياو ياو الذي يقود جماعة في بلدة البيبور، وقال إن الطائرات أسقطت ذخائر وأسلحة لقوات «ياو ياو»، مشيراً إلى أن حكومته تقدمت بشكوى إلى الاتحاد الأفريقي بهذا الشأن. وناقشت حكومة جنوب السودان تدابير احترازية طارئة لاحتواء الآثار الناجمة عن التوقف المحتمل لصادرات النفط عبر ميناء بورتسودان في شرق السودان على البحر الأحمر اعتباراً من 7 آب (أغسطس) المقبل. وقال نائب وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة بالوكالة، أتيم ياك أتيم، في تصريح صحافي، إن اجتماع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الدولة سلفاكير ميارديت ناقش الإجراءات الاحترازية وخطط وزارة البترول لمواجهة احتمالات إغلاق خط أنابيب النفط من جانب السودان. وأشار إلى أن وزير النفط، ستيفن ديو داو، كشف عن خطة لتلافي الآثار السلبية لقرار السودان تتضمن خفضاً تدريجياً لضخ النفط عبر خط الأنابيب العابرة للأراضي السودان، تجنباً لتعرض خطوط النفط ومحطات الضخ للتلف بسبب الإغلاق المفاجئ. وأضاف أن بلاده تسلمت إخطاراً رسمياً من جارتها السودان يفيد بإغلاقها خط الأنابيب الناقل لنفط الجنوب في الموعد المحدد. إلى ذلك تحدثت تقارير ومسؤولون عن أن البشير يستعد لإجراء تعديل كبير في حكومته خلال الأسابيع المقبلة يشمل مناصب عليا في القصر الرئاسي و «الحرس القديم» من الوزراء الذين ظلوا يتنقلون بين المناصب الوزارية لأكثر من عقدين. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن البشير يفكر في أن تكون غالبية أعضاء مجلس الوزراء من شخصيات لا يزيد عمرها عن 55 عاماً. لكن مستشار الرئيس السابق، غازي صلاح الدين، قلل من جدوى التغييرات التي تعتزم الحكومة إجراءها، مؤكداً أن التغيير يجب أن يكون في المنهج وليس في الأشخاص. ودعا صلاح الدين في تصريحات علنية قادة الحكم إلى تبني المنهج الذي يستعيد الثقة ويقترح حلولاً حقيقية، مشدداً على أن الإصلاح إذا لم تصاحبه رؤية وبرنامج سيكون محض تغيير وجوه. من جهة أخرى، خيّر زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض حسن الترابي نظام الرئيس عمر البشير بين «الذهاب بالحسنى بما يوفر كثيراً من دماء السودانيين وخيار الثورة الشعبية». وحذّر الترابي من استخدام الخيار العسكري لإسقاط النظام، لكنه أكد اتفاق كل قوى المعارضة على تغيير الحكومة عبر ثورة شعبية قوامها المظاهرات والإضرابات. ونصح في كلمته أمام اجتماع قادة حزبه، نظام البشير بالذهاب بالحسنى لتوفير كثير من التكاليف وتجنب ما يمكن أن يقع من صراعات مسلحة تؤدي إلى نزعات انفصالية تمزق البلاد. وانتقد في شدة ما أسماه التضييق على الحريات ومنع الأحزاب من إقامة ندواتها ومنع ومصادرة الصحف. وقال موجهاً رسالة إلى الحكومة إن «الشعب سيعطيكم الأمان على ألا يحاكمكم على الانقلاب مثل تجربة الرئيس الأسبق إبراهيم عبود في 1964، ولكن أي واحد منكم أكل المال الحرام أو اعتدى على أحد فلا بد من محاسبته».