لا يُحصَى من دخل في الإسلام بسبب خلق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، سواء أكان ذلك الخلق الحسن من: جوده وكرمه، أو عفوه وصفحه، أو حلمه وأناته، أو رفقه وصبره، أو تواضعه وعدله، أو رحمته ومنِّه، أو شجاعته وقوته. رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في حُسن الخلق في مجالات عديدة، منها ما يأتي: الخلق الحسن في حياة المسلم عامة، وفي حياة الدعاة إلى الله تعالى خاصة من أعظم روابط الإيمان وأعلى درجاته لقوله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً». والخلق الحسن ضرورة اجتماعية لجميع المجتمعات، وهو من أعظم المهمات التي تتعين على جميع الدعاة إلى الله تعالى؛ لأن من تخلَّق به كان من أحب الناس إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأقربهم منه مجلساً يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا». والخلق الحسن يجعل المسلم من أحسن الناس، ومن خيارهم مطلقاً، ولا يكون كذلك إلا بالتخلّق بهذا الخلق العظيم، قال صلى الله عليه وسلم: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً». وأحسن الشاعر إذ يقول: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا الخلق الحسن من أعظم القربات وأجلِّ العطايا والهبات، والداعية إلى الله تعالى هو من أحق الناس بهذا الخير العظيم ليطبقه على نفسه، ويدعو الناس إليه ليحصل على الثواب الجزيل، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»، وقال صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو: «أربع إذا كن فيك فما عليك ما فاتك من الدنيا: حفظُ أمانةٍ، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة»، وبهذا يحصل المسلم على جوامع الخيرات والبركات، قال صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق». الخلق الحسن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع المسلمين، خصوصاً الدعاة، فقد أوصى به صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن والياً وقاضياً وداعيًا إلى الله فقال له: « ... وخالق الناس بخلق حسن». الخلق الحسن ذو أهمية بالغة، لأن الله أمر به نبيه الكريم وأثنى عليه به، وعظم شأنه الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم. فقال: «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»، وقال سبحانه وتعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثتُ لِأُتمِّمَ مكارم الأخلاق»، وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه عليه الصلاة والسلام فقالت: « ... كان خُلُقُه القرآن». الخلق الحسن من أعظم الأساليب التي تجذب الناس إلى الإسلام والهداية والاستقامة؛ ولهذا من تتبّع سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله وبخاصة في دعوته إلى الله تعالى، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله تعالى ثم بفضل حسن خلقه عليه الصلاة والسلام، فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم، فهذا يسلم ويقول: «والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ». وذاك يقول: «اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً»، تأثر بعفو النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركه على تحجيره رحمة الله التي وسعت كل شيء، بل قال له: «لقد تحجرت واسعاً». والآخر يقول: «بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه». والرابع يقول: «يا قومي أسلموا فإن محمداً يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة». الخلق الحسن أمنية كل مسلم وكل داعية مخلص وبخاصة لأنه بذلك ينجو ويفوز وينجح في جميع أموره العامة والخاصة.