صعدت الاحتجاجات في الأردن أمس من خطابها ورسائلها السياسية، فخرجت تظاهرات دعت إليها جماعة «الإخوان المسلمين» في مدن إربد (شمال) والطفيلة والكرك ومعان والعقبة (جنوب) مطالبة بالإفراج عن ناشطي الحراك الشعبي، فيما طالبت تظاهرة أخرى شارك فيها شبان إسلاميون وعشائريون أمام محكمة أمن الدولة العسكرية بإلغاء الأخيرة، منتقدة ما أسمته «المحاكمات العسكرية لبعض الناشطين». وخلال التظاهرة، هتف المحتجون الغاضبون ضد اعتقال زملاء لهم بشعارات من قبيل «الشعب يريد إسقاط محكمة أمن الدولة»، و «يا حرية وينك وينك... أمن الدولة بيني وبينك»، إضافة إلى «نحن الشعب الخط الأحمر، يسقط يسقط حكم العسكر». وجرت التظاهرة مقابل مبنى المحكمة المحصن بالأسلاك الشائكة والمصفحات العسكرية في منطقة ماركا الشمالية (شرق عمان) وسط وجود أمني كثيف، فيما وقعت اشتباكات محدودة بين المتظاهرين وآخرين موالين للحكومة. وطالب المعارضون بإطلاق معتقلين يحاكمون أمام القضاء العسكري بتهم مختلفة على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي جرت أخيراً ضد قرارات رفع الأسعار. يأتي ذلك فيما أفادت منظمات حقوقية أمس بأن عشرات الناشطين الأردنيين باتوا مطلوبين لأجهزة الأمن ومحالين على التحقيق العسكري بتهم «مناهضة نظام الحكم الملكي وتقويضه». وقال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان عبدالكريم الشريدة أمس إن حوالى 800 حراكي «تم استدعاؤهم أو محاكمتهم أمام القضاء العسكري منذ اندلاع الربيع العربي قبل حوالى عامين». وأضاف أن عدد الذين يواجهون تهم تقويض أو مناهضة نظام الحكم، يصل حالياً إلى حوالى 100 تتراوح عقوبتهم بين 3 - 15 سنة وفق القانون المعمول به في الأردن. وكان قضاة عسكريون وجهوا إلى بعض الناشطين خلال الأيام الماضية تهم «القيام بأعمال إرهابية»، وهي تهم تصل عقوبتها إلى حد الإعدام. ووفق الشريدة، فإن محكمة أمن الدولة «أصبحت أداة سياسية لمواجهة ناشطي الحراك السياسي المطالب بالإصلاح». ووجهت المحكمة ذاتها الشهر الماضي تهم العمل على مناهضة نظام الحكم ل5 ناشطين يتبعون التيار الإسلامي الشبابي (أحد أذرع جماعة الإخوان) هم هشام الحيصة وباسم الروابدة وثابت عساف وطارق خضر، فيما تلاحق أجهزة الأمن الناشط عدنان أبو عرقوب بالتهمة نفسها. وكانت المنظمة الأميركية لمراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» انتقدت في أحدث تقرير لها أوضاع الحريات داخل الأردن، وطالبت السلطات بالتراجع عن الإجراءات «التي تقوّض الحريات». ولفتت إلى وجود قائمة طويلة بأسماء الناشطين المهددين بإحالتهم على قضاة عسكريين. لكن الحكومة الأردنية نفت أمس تنفيذ حملات أمنية بحق ناشطي الحراك، خصوصاً أعضاء «الإخوان»، كما اتهمت الشبان المعتقلين ب «مخالفة القانون»، نافية احتجازهم بسبب مواقفهم السياسية. وقال الناطق باسم الحكومة، الوزير محمد المومني ل «الحياة» إن التعامل مع المعتقلين «يجري استناداً إلى القانون الأردني». واللافت أن الاعتقالات والمحاكمات التي تشهدها العاصمة الأردنية تجري على وقع علاقة متوترة بين مؤسسات الحكم وجماعة «الإخوان»، كبرى الجماعات المعارضة في البلاد، خصوصاً أن الأخيرة أعلنت غير مرة رفضها خريطة طريق الإصلاح التي تبناها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني منذ حوالى عامين.