التقت أمس مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون طرفي الأزمة في مصر في مسعى منها، على ما يبدو، إلى ضمان عملية سياسية تضمن احتواء جماعة «الإخوان المسلمين». لكن بدا أن الأزمة بين الحكم الانتقالي الجديد والجماعة ستراوح مكانها لفترة، ففي حين تمضي خريطة الطريق التي كان حددها الجيش، لا تزال الجماعة تتمسك بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي. وأشارت آشتون إلى أن هدف زيارتها التي بدأت مساء أول من أمس هو تأكيد «ضرورة وجود عملية سياسية شاملة تشارك فيها كل الأطراف الداعمة للديموقراطية في مصر، وضرورة عودة مصر في أسرع وقت ممكن إلى المسار الديموقراطي». وكانت آشتون بدأت الزيارة بلقاء الرئيس الموقت عدلي منصور في حضور مستشاره للشؤون السياسية مصطفى حجازي، ثم التقت نائب الرئيس للعلاقات الدولية محمد البرادعي. وقال بيان رئاسي إن الاجتماع تناول «الخطوات التي تمت وتتم على طريق المرحلة الانتقالية والإعداد لصياغة الدستور تمهيداً لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، كذلك جهود إجراء المصالحة الوطنية». وتوجهت بعدها المسؤولة الأوروبية إلى وزارة الدفاع حيث التقت النائب الأول لرئيس الحكومة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي وتناول اللقاء «تبادل وجهات النظر في شأن المستجدات في المشهد السياسي المصري، ومناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتطرق إلى سبل تدعيم أوجه التعاون بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي»، وفق بيان من وزارة الدفاع. وقال مصدر عسكري ل «الحياة» إن آشتون «كررت أكثر من مرة مطالبتها قيادة الجيش بضرورة احتواء الإخوان في العملية السياسية، وهو ما رد عليه السيسي بتعهد عدم إقصاء أي فصيل، لكنه شكا لجوء أنصار الإخوان إلى العنف للضغط على الحكم الجديد». وأشار المصدر إلى أن آشتون «طالبت أيضاً بضرورة الإسراع في الانتخابات التشريعية والرئاسية مع ضمان وسائل تحقق النزاهة والشفافية، وأبدت استعداد الاتحاد الأوروبي للإشراف على الاستحقاقات وهو ما رحب به السيسي الذي أوضح أن لدى مصر خريطة طريق تضم مواقيت زمنية للعملية السياسية تنتهي بتسليم السلطة قبل عام». واجتمعت آشتون برئيس الحكومة الجديد حازم الببلاوي في حضور نائبه وزير التعاون الدولي زياد بهاء الدين. وأفيد بأن اللقاء ركز على الشأن الاقتصادي، إذ حض المسؤولان المصريان على ضرورة إسراع الأوروبيين في تقديم المساعدات المعطلة، لكن آشتون رهنت ذلك بتهدئة المشهد الداخلي وضمان البدء في مسار تسليم السلطة إلى حكم مدني منتخب. واختتمت آشتون لقاءاتها باجتماع مع القياديين في «الإخوان» وزير التنمية المحلية السابق محمد علي بشر الذي يتولى اتصالات الجماعة مع الجيش ووزير التعاون الدولي السابق عمرو دراج. وقال بشر ل «الحياة» قبل اللقاء الذي جرى مساء أمس: «حرصنا على لقاء آشتون لعرض وجهة نظرنا للموقف الحاصل والاستماع إلى ما سيعرضونه». وعن دعوة آشتون «الإخوان» إلى الانخراط في العملية السياسية، أكد بشر أن الجماعة لن تقبل سوى بعودة مرسي إلى الحكم. وتساءل: «كيف ننخرط في العملية السياسية والرئيس مرسي محتجز؟ لا نقبل أي عملية سياسية قامت على أساس الانقلاب». وعما ستعرضه الجماعة خلال اللقاء، قال: «لدينا متسع وحلول كثيرة لكن بعد عودة مرسي إلى الرئاسة ووفقاً للدستور». وسألته «الحياة» عما إذا كانت الجماعة ستعرض طرح رئاسة مرسي على استفتاء، فأجاب: «كل ذلك وأكثر منه يمكن أن نتعاطى معه، لكن في ظل المسار الشرعي والدستوري». واستبق «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» لقاء آشتون مع بشر ودراج بإصدار بيان قال فيه إن رسالته خلال اللقاء ستكون «رفض الانقلاب وإدانة موقف بعض الأطراف الدولية ومن بينها الاتحاد الأوروبي الذي لم يعلن مواقف واضحة برفض الانقلاب العسكري على الشرعية الدستورية». وأكد البيان «ضرورة رفض الانقلاب العسكري وإلغاء كل ما ترتب عليه من آثار والعودة إلى المشروعية الدستورية». لكن نائب رئيس حزب «المؤتمر» المنضوي في «جبهة الإنقاذ الوطني» وزير الخارجية السابق محمد العرابي رفض وجود وساطة أوروبية. وقال ل «الحياة»: «تدخلاتهم دائماً ما تأتي بنتائج عكسية. هناك خريطة طريق الكل سيسير فيها، والدور الذي قد تلعبه (آشتون) هو الضغط على الإخوان، إذا كان لدى الأوروبيين نفوذ، للقبول بالأمر الواقع والانخراط في العملية السياسية، كون ما يفعلونه في الشارع لن يصل إلى نتيجة سوى التأثير في عجلة الاقتصاد». في غضون ذلك، بدا أن التشكيل الحكومي الذي كان أعلن أول من أمس لن يرضي جميع الأطراف، فبعد انتقادات وجهها حزب «النور» السلفي، أعلنت «حركة شباب 6 أبريل» اعتراضها على التشكيل «الذي احتوى عدداً من الوزراء الذين فشلوا سابقاً في مناصب رسمية وعدد آخر من الوزراء المنتمين إلى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك والحزب الوطني المنحل». وطالبت الحركة الرئاسة الموقتة بإعلان خطاب تكليف وخطة الحكومة الجديدة وجدولها الزمني «تحقيقاً للشفافية ومصارحة الشعب». وأعلنت أنها «سترصد بكل يقظة أداء الحكومة الجديدة وخطة عملها ولن تسكت على أي تهاون في تحقيق المطالب الشعبية». وانتقد حزب «مصر القوية» الذي يترأسه القيادي السابق في «الإخوان» عبدالمنعم أبو الفتوح التشكيل الوزاري. وقال في بيان إن التشكيل «لم يأت بأي جديد، والبلاد لا تحتمل مزيداً من المحاباة لنخبة السياسة ورجال الأعمال على حساب الشعب المصري». وأضاف: «أعلنا من قبل أننا نفضل أن يترأس الحكومة شخص سياسي مشهود له بالكفاءة على أن تكون له صلاحيات واضحة... فإذا بنا نفاجئ برئيس وزراء أتى بلا صلاحيات، وأمام حكومة مسيسة غير محايدة». وأضاف أن «لا جديد في تشكيل حكومة الببلاوي الذي سار على نفس موازنات الدولة المصرية في عهد مبارك مضافاً إليها موازنات حكومة (رئيس الوزراء السابق) هشام قنديل... نحن أمام حكومة تمثل مزيجاً بين مجموعة تمثل تياراً سياسياً واحداً مع مجموعة من باقي نظام مبارك مع مجموعة من اللواءات... إدارة البلاد لا تحتمل تكراراً الأخطاء التي عانى منها الشعب طويلاً قبل ثورة يناير وبعدها، وتكرار إهدار الفرص لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام وعدم الاستقرار، وهو ما لا نتمناه لشعبنا العظيم الصابر». من جهة أخرى، أمرت نيابة جنوبالقاهرة الكلية بتجديد حبس نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر ورئيس الذارع السياسية للجماعة سعد الكتاتني والمرشد السابق مهدي عاكف وعضو مكتب الإرشاد رشاد البيومي 15 يوماً على ذمة التحقيقات في اتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد في المقطم خلال تظاهرات نهاية الشهر الماضي. وكانت النيابة انتقلت إلى سجن مزرعة طرة «لدواع أمنية» للنظر في أمر تجديد الحبس. واتهمت التحريات وتحقيقات النيابة القياديين الأربعة بأنهم «كلفوا أكثر من 250 شخصاً من أعضاء الجماعة بالوجود أعلى مبنى مكتب الإرشاد في المقطم في 30 حزيران (يونيو) وأمدوهم بالأسلحة النارية والخرطوش والقناصة وأمروهم بقتل أي شخص يقترب من مقر الجماعة أو يحاول الدخول من المتظاهرين».