في الساعة الرابعة عصراً بتوقيت مكةالمكرمة، تبدأ وفود من محبي رياضة المشي بالتوافد على ممشى «مجرى السيل» الكائن بمحاذاة طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز (المعروف بالتحلية) في مدينة جدة، وتعود الحياة تدب في الممشى الذي اشتهر بعد تحسينات طرأت عليه أخيراً. وفي رمضان، وعلى رغم الصيام وقُبيل الإفطار بالتحديد، يتقاطر محبو رياضة المشي لممارسة رياضتهم المحببة على الممشى الذي يربط بين طريق المدينةالمنورة شرقاً وطريق الأمير سلطان غرباً، وتزيد كثافة مرتادي الممشى شيئاً فشيئاً، ولكن الصورة لا تبدو مماثلة لما قبل رمضان، فحافظات المياه مهجورة وفارغة، والأيادي خالية من قوارير العصائر أو المياه. ويعزو بعض مرتادي الممشى سبب وجوده، لنصيحة طبية أو لأنه وقت فراغ أو لعادة يومية، بيد أن التعذر ب«البركة» باتت أمراً غريباً في إجابات من التقت بهم «الحياة» في جولة ميدانية على الممشى قُبيل دخول المغرب. ومن ذلك، يرى «الخمسيني» محمد السيد أن بين العصر والمغرب وقتاً يعد مما يستجاب فيه الدعاء، وتكون الأعمال فيه مباركة، وأن القصد من المشي يتحقق بسرعة، نظراً لكون الساعة ساعة استجابة، مشيراً إلى أن المشي في رمضان وفي هذا الوقت تحديداً عادة عائلية يقومون بها سنوياً. ويلاحظ أحد رواد الممشى أحمد الغامدي ذو ال(27 عاماً) الذي يمارس الرياضة يومياً، غياب البسمة عن محيا زملائه وزميلاته مع رياضة المشي، مفسراً ذلك بمشقة الصيام، ويشير إلى السماء بيده اليمني، قائلاً: «الأجواء تساعد قليلاً في المشي، خصوصاً من تعوّد وأدمن هذه الرياضة، فالشمس بالكاد تراها، وهذا مؤشر جيد في عدم صدقية ما يقال حول حرارة الشمس». ويشارك أحد موظفي القطاع الحكومي، بقوله: «إن محبته لرياضة المشي هي من ترغمه على الخروج في مثل ذلك الوقت». مشيراً إلى أن حال توافد الناس بعد العصر لا تستمر طويلاً، فبعد نصف ساعة يبدأ الانصراف التدريجي لسالكي الممشى، وبالتحديد في منتصف الساعة الخامسة. ريم النهدي التي تبلغ من العمر (24 عاماً)، تقصد الممشى منذ 30 يوماً تقريباً، مستندة على نصيحة طبيبتها الخاصة التي تتابع فترة حملها الأول، تؤكد أن الصوم لن يقف عائقاً أمام تحقيق رياضة المشي، مشيرة إلى أنها تستشير طبيبتها التي أكدت على أن المشي غير المرهق نتائجه إيجابية من الناحية الصحية على الأم وعلى جنينها. ولا يفضل خالد العاصمي ذو ال(20 ربيعاً) غير وقت العصر لممارسة المشي، مفسراً حرصه على هذا الوقت تحديداً من دون غيره، لأنه الوقت الوحيد الذي يتوافر فيه الفراغ، وأضاف: «أنا أسير في هذا الممشى منذ شهرين، وسأستمر حتى أخفف من وزني الذي يتجاوز حاجز ال110 كلم». وقُبيل غروب الشمس، ينفضّ كل من في الممشى، ولا يبقى سوى عامل النظافة أنور الذي ينتظر مركبة الشركة التي يعمل لديها، لتقله إلى السكن، لتعلن نهاية دوام يوم طويل، وعلى رغم أن أجواء «عروس البحر» لا تشجع عادة على الخروج إلى الشارع نهاراً، يستمر هواة رياضة المشي في التوافد على الممشى يومياً، مهما كانت الظروف والمسببات، إلا أن العدد يتباين بحسب الأوقات والظروف.